لكونها شفويّة وأتبعوه الغائبة والغائبتين لئلّا يلتبسا بالغائب والغائبين وحينئذٍ وإن التبسا بالمخاطب والمخاطبين لكن هذا أسهل.

ويوجدُ الفرق بين جمع المذكّر وجمع المؤنث في الغائب بالواو والنّون نحو : يضربونَ ويَضْرِبْنَ ولم يجعل الجمع بالتاء كما في واحدة والمثنّى بل بالياء كما هو مناسب للغائب لكون مخرج الياء متوسّطاً بين مخرج الهمزة والواو وكون ذكر الغائب دائراً بين المتكلّم والمخاطب ولمّا كان في الماضي فرق بين المتكلّم وحده ومع غيره أرادوا أن يفرّقوا بينهما في المضارع ايضاً فزادوا النّون لمشابهتها حرف المدّ واللّين من جهة الخفاء والغُنّة ، فإن قلتَ : لِمَ سمّي هذا القسم مضارعاً قلت : لأنّ المضارعة في اللّغة المشابهة من الضّرع كأنّ كِلا الشّبهين إرتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعاً ، وهو مشابه لإسْم الفاعل في الحركات والسّكنات ولمطلق الإسم في وقوعه مشتركاً بين الاستقبال والحال وتخصيصه بالسّين أو سوف أو اللام كما أنَّ رجلاً يحتمل أن يكون زيداً وعمرواً وخالداً وغيرهم ، فإذا عرّفته باللّام وقلت : الرّجل اختصّ بواحد وبهذه المشابهة التّامّة اُعْرِب من بين سائر الافعال.

[ وهذا ] أي المضارع [ يصلح للحال ] والمراد بها أجزاء من طَرَفَي الماضي والمستقبل يعقب بعضها بعضاً من غير فرط مهلة وتراخ ، والحاكم في ذلك هو العرف لا غير [ والإستقبال ] والمراد به ما يترقّب وجوده بعد زمانك الّذي انت فيه [ تقول : يفعل الآن ويسمّى حالاً وحاضراً أو يفعل غداً ويسمّىٰ مستقبلاً ] والمشهور انّ المستقبل بفتح الباء إسم مفعُول والقياس يقتضي كسرها ليكون اسم فاعل لأنّه يستقبل كما يقال : الماضي ولعلّ وجه الأوّل أنّ الزّمان يستقبل فهو مستقبل اسم مفعول لكنّ الأولى أن يقال : المستقبل بكسر الباء فإنّه الصّحيح وتوجيه الأوّل لا يخلو

۶۳۲۱