وأما تفصيلا فالصورة محتاجة إلى المادة في تعينها ، فإن الصورة إنما يتعين نوعها ، باستعداد سابق تتحمله المادة ، وهي تقارن صورة سابقة وهكذا.

وأيضا هي محتاجة إلى المادة في تشخصها ، أي في وجودها الخاص بها ، من حيث ملازمتها للعوارض ، المسماة بالعوارض المشخصة ، من الشكل والوضع والأين ومتى وغيرها.

وأما المادة فهي متوقفة الوجود حدوثا وبقاء ، على صورة ما من الصور الواردة عليها تتقوم بها ، وليست الصورة علة تامة ولا علة فاعلية لها ، لحاجتها في تعينها وفي تشخصها إلى المادة ، والعلة الفاعلية إنما تفعل بوجودها الفعلي ، فالفاعل لوجود المادة جوهر ، مفارق للمادة من جميع الجهات ، فهو عقل مجرد أوجد المادة ، وهو يستحفظها بالصورة ، بعد الصورة التي يوجدها في المادة.

فالصورة جزء للعلة التامة ، وشريكة العلة للمادة وشرط لفعلية وجودها.

وقد شبهوا استبقاء العقل المجرد المادة بصورة ما ، بمن يستحفظ سقف بيت بأعمدة متبدلة ، فلا يزال يزيل عمودا وينصب مكانه آخر.

واعترض عليه بأنهم ذهبوا إلى كون هيولى ، عالم العناصر واحدة بالعدد ، فكون صورة ما وهي واحدة بالعموم شريكة العلة لها ، يوجب كون الواحد بالعموم علة للواحد بالعدد ، وهو أقوى وجودا من الواحد بالعموم ، مع أن العلة يجب أن تكون أقوى من معلولها.

ولو أغمضنا عن ذلك فلا ريب ، أن تبدل الصور يستوجب بطلان الصورة السابقة ، وتحقق حقه في محلها ، وإذ فرض أن الصورة جزء العلة التامة للمادة ، فبطلانها يوجب بطلان الكل أعني العلة التامة ، ويبطل بذلك المادة ، فأخذ صورة ما شريكة العلة لوجود المادة ، يؤدى إلى نفي المادة.

والجواب أنه سيأتي في مرحلة القوة والفعل (١) ، أن تبدل الصور في

__________________

(١) في الفصل الحادي عشر من المرحلة العاشرة.

۱۸۴۱