الاعتبار العقلي ، بمقايسة المحمول إلى الموضوع ، لا ينافي ثبوت الضرورة بحسب الخارج بثبوت العلة ، ويسمى الإمكان الأخص.

وقد يستعمل بمعنى سلب الضرورة من الجهات الثلاث ، والضرورة بشرط المحمول أيضا ، كقولنا زيد كاتب غدا بالإمكان ، ويختص بالأمور المستقبلة التي لم تتحقق بعد ، حتى يثبت فيها الضرورة بشرط المحمول ، وهذا الإمكان إنما يثبت بحسب الظن والغفلة ، عن أن كل حادث مستقبل إما واجب أو ممتنع ، لانتهائه إلى علل موجبة مفروغ عنها ، ويسمى الإمكان الاستقبالي.

وقد يستعمل الإمكان بمعنيين آخرين ، أحدهما ما يسمى الإمكان الوقوعي ، وهو كون الشيء بحيث لا يلزم من فرض وقوعه محال ، أي ليس ممتنعا بالذات أو بالغير ، وهو سلب الامتناع عن الجانب الموافق ، كما أن الإمكان العام سلب الضرورة عن الجانب المخالف.

وثانيهما الإمكان الاستعدادي وهو كما ذكروه ، نفس الاستعداد ذاتا وغيره اعتبارا ، فإن تهيؤ الشيء لأن يصير شيئا آخر ، له نسبة إلى الشيء المستعد ، ونسبة إلى الشيء المستعد له ، فبالاعتبار الأول يسمى استعدادا ، فيقال مثلا النطفة لها استعداد أن تصير إنسانا ، وبالاعتبار الثاني يسمى الإمكان الاستعدادي فيقال ، الإنسان يمكن أن يوجد في النطفة.

والفرق بينه وبين الإمكان الذاتي ، أن الإمكان الذاتي كما سيجيء (١) ، اعتبار تحليلي عقلي ، يلحق الماهية المأخوذة من حيث هي ، والإمكان الاستعدادي صفة وجودية ، تلحق الماهية الموجودة ، فالإمكان الذاتي يلحق الماهية الإنسانية ، المأخوذة من حيث هي ، والإمكان الاستعدادي ، يلحق

__________________

(١) في الفصل الآتي.

۱۸۴۱