وثالثاً : أنّ نسبة القيد إلى التقيّد نسبة العلّة إلى المعلول ، وليس كذلك نسبته إلى ذات الواجب.

وقد يؤخذ شيء قيداً للوجوب وللواجب معاً ، كشهر رمضان الذي هو قيد لوجوب الصيام فلا وجوب للصيام بدون رمضان ، وهو أيضاً قيد للصيام الواجب ، بمعنى أنّ الصوم المأمور به هو الحصّة الواقعة في ذلك الشهر خاصّة ، وبموجب كون الشهر قيداً للوجوب فالوجوب تابع لوجود هذا القيد ، وبموجب كونه قيداً للواجب يكون الوجوب متعلّقاً بالمقيّد به ، أي أنّ الأمر متعلّق بذات الصوم وبتقيّده بأن يكون في شهر رمضان.

أحكام القيود المتنوّعة :

لا شكّ في أنّ الواجبات تشتمل على نوعين من القيود :

أحدهما : قيود يلزم على المكلّف تحصيلها ، بمعنى أنّه لو لم يحصّلها لاعتُبر عاصياً للأمر بذلك الواجب ، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة.

والآخر : القيود التي لا يلزم على المكلّف تحصيلها ، بمعنى أنّه لو لم يأتِ بها المكلّف وبالتالي لم يأتِ بالواجب لا يعتبر عاصياً ، كالاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ.

والقضيّة التي نبحثها هي محاولة التعرّف على الفرق بين هذين النوعين من القيود ، وما هو الضابط في كون القيد ممّا يلزم تحصيله ، أوْ لا؟

والصحيح : أنّ الضابط في ذلك : أنّ كلّ ما كان قيداً لنفس الوجوب فلا يجب تحصيله ، ولا يكون المكلّف مسؤولاً عن إيجاده من قبل ذلك الوجوب ؛ لأنّه مالم يوجد القيد لا وجود للوجوب ، كما تقدّم. وكلّما كان القيد قيداً لمتعلّق الوجوب ـ أي للواجب ـ فهذا يعني أنّ الوجوب قد تعلّق بالمقيّد ، كما تقدّم ، أي بذات الواجب وبالتقيّد بالقيد المذكور ، وحينئذٍ يلاحظ هذا القيد : فإن كان قيداً في نفس الوقت

۴۷۲۱۶۷