يوجد الربط في مرحلة الكلام ولكنّه إنّما يوجد ذلك بسبب دلالته على معنى ، أي على الجانب النسبيّ والربطيّ في الصورة الذهنية ، ونسبته إلى الربط القائم في الصورة الذهنيّة على حدّ ربط الاسم بالمعاني الاسميّة (١) الداخلة في تلك الصورة ، فلا تصحّ التفرقة بين المعاني الاسميّة والحرفيّة بالإخطاريّة والإيجاديّة.

نعم ، هناك معنىً آخر دقيق ولطيف لإيجاديّة المعاني الحرفيّة تتميّز به عن المعاني الاسميّة ؛ تأتي الإشارة إليه في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى.

المقارنة بين الحروف والأسماء الموازية لها :

كلّ حرفٍ نجد تعبيراً اسميّاً موازياً له ، ف «إلى» يوازيها في الأسماء «انتهاء» ، و «من» يوازيها «ابتداء» ، و «في» توازيها «ظرفيّة» وهكذا ، وعلى الرغم من الموازاة فإنّ الحرف والاسم الموازي له لَيسا مترادفَين ؛ بدليل أنّه لا يمكن استبدال أحدهما في موضع الآخر ؛ كما هو الشأن في المترادفَين عادة. والسبب في ذلك يعود إلى أنّ الحرف يدلّ على النسبة ، والاسم يدلّ على مفهومٍ اسميٍّ يوازي تلك النسبة ويلازمها ، ومن هنا لم يكن بالإمكان أن يفصل مدلول «إلى» عن طرفيه ويلحظ مستقلاًّ ؛ لأنّ النسبة لا تنفصل عن طَرَفَيها ، بينما بالإمكان أن نلحظ كلمة «الانتهاء» بمفردها ونتصوّر معناها.

ونفس الشيء نجده في هيئات الجمل مع أسماءٍ موازيةٍ لها ، فقولك : «زيد عالم» إخبار بعلم زيد ، فالإخبار بعلم زيدٍ تعبير اسميّ عن مدلول هيئة «زيد عالم» ، إلاّأ نّه لا يرادفه ؛ لوضوح أنّك لو نطقت بهذا التعبير الاسميّ لكنت قد قلت

__________________

(١) هكذا جاءت العبارة في الطبعة الاولى ، والأنسب : على حدّ نسبة الاسم إلى المعاني الاسميّة

۴۷۲۱۶۷