المعتبرة. فعلى هذا أهل الحلّ والعقد أعمّ من أن يكون جميع العلماء أو بعضهم. ولا يخفى أنّ المتبادر من الجمع المحلّى باللّام ومن قوله كافّة أى جميعا أنّ هذا الاجماع من القسم الأوّل ، وليس كذلك لأنّ جمهور المخالفين غير متّفقين فى الأصول المذكورة ، ضرورة انّهم لا يقولون بوجوب العدل على الله تعالى ولا بوجوب الامامة ، بل ينكرون الامامة بالمعنى المقصود ، وعلى الوجه المذكور هاهنا ، ولا بوجوب المعارف بالدّليل بل يعتبرون إيمان المقلّد ، فلا بدّ أن يحمل الاجماع على إجماع الفرقة النّاجية ، ويجعل تعميم اللّفظ مبنيّا على تنزيل المخالفين منزلة العدم فكان الاجماع عامّ.

ثمّ الظّاهر أنّ ذكر الاجماع هاهنا للاحتجاج به على وجوب المعارف الأصوليّة بالدليل ، ولا شكّ انّ إجماع الفرقة النّاجية حجّة عندنا وان كان منقولا بخبر الآحاد على ما تقرّر فى الأصول. ولذلك المطلب أدلّة أخرى سنتلوها عليك عن قريب.

على وجوب معرفة الله تعالى ، أى التّصديق بوجوده. واختلف فى انّ لفظة الله علم للذات المقدّسة المشخّصة ، أو موضوع لمفهوم كلّى ، هو مفهوم الواجب الوجود لذاته والمستحقّ للعبادة. والمختار عند المحقّقين هو الأوّل ، لكن المناسب لهذا المقام أن يحمل على مفهوم الواجب الوجود لذاته ، إذ المطلوب هاهنا إثبات أنّ فى الخارج موجودا واجبا لذاته متّصفا بالصّفات الثّبوتية والسّلبيّة وما يصحّ عليه وما يمتنع عليه على ما لا يخفى.

وعلى وجوب معرفة صفاته الثّبوتيّة ، كالعلم والقدرة ، وعلى وجوب صفاته السّلبيّة كعدم الجسميّة والعرضيّة بمعنى التّصديق باتّصافه بهما. وهذه الثّلاثة إشارة إلى باب التوحيد.

والثّبوتى قد يطلق على الموجود فى الخارج والسّلبى على ما يقابله ، وقد يطلق على ما لا يكون السّلب معتبرا فى مفهومه ، والسّلبى على ما يقابله ، والمراد بهما هاهنا المعنيان الأخيران. وليس المراد بالصّفة ما قام بالغير كما هو المتبادر ، لأنّ ذلك يستدعى كون الصّفات زايدة على الذّات كما هو مذهب الأشاعرة وهو باطل عندنا لما سيجيء فى الصّفات السّلبيّة من

۲۹۲