أعلم لرجوع الصّحابة فى وقائعهم إليه ، ولم يرجع هو إلى أحد منهم ، ولقوله (ص) : أقضاكم عليّ. والقضاء يستدعى العلم ، ولأنّه أزهد من غيره حتّى طلّق الدّنيا ثلاثا.

اقول : لما فرغ من شرائط الإمامة ، شرع فى تعيين الإمام. وقد اختلف النّاس فى ذلك ، فقال قوم إنّ الإمام بعد رسول الله العبّاس بن عبد المطلب بارثه. وقال جمهور المسلمين هو أبو بكر بن ابن أبى قحافة باختيار النّاس له. وقالت الشّيعة هو عليّ بن أبى طالب (ع) بالنّصّ عليه من الله ورسوله ، وذلك هو الحقّ. وقد استدلّ المصنّف على حقيّته بوجوه :

الأوّل ، ما نقلته الشّيعة نقلا متواترا بحيث أفاد العلم يقينا من قول النّبيّ (ص) فى حقّه : سلّموا عليه بامرة المؤمنين وأنت الخليفة من بعدى وأنت ولىّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدى وغير ذلك من الفاظ الدّالة على المقصود ، فيكون هو الإمام ، وذلك هو المطلوب.

الثّاني ، انّه أفضل النّاس بعد رسول الله (ص) فيكون هو الإمام لقبح المفضول على الفاضل. أمّا انه افضل فلوجهين :

الأوّل ، انه مساو للنبىّ (ص) والنبىّ أفضل فكذا مساويه ، وإلا لم يكن مساويا. أمّا انه مساوله فلقوله تعالى فى آية المباهلة :  ﴿وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ والمراد بانفسنا هو على بن ابى طالب (ع) لما ثبت بالنّقل الصحيح ، ولا شكّ انه ليس المراد به انّ نفسه هى نفسه لبطلان الاتّحاد ، فيكون المراد انّه مثله ومساويه ، كما يقال : زيد الاسد أى مثله فى الشّجاعة ، واذا كان مساويا له كان أفضل وهو المطلوب. الثّاني ، ان النّبي (ص) احتاج إليه فى المباهلة فى دعائه دون غيره من الصّحابة والأنساب ، والمحتاج إليه أفضل من غيره خصوصا فى هذه الواقعة العظيمة الّتي هى من قواعد النّبوّة ومؤسّساتها. الثّالث ، انّ الامام يجب أن يكون معصوما ولا شيء من غير عليّ (ع) ممّن ادّعيت له الإمامة بمعصوم ، فلا شيء من غيره بإمام. أما الصّغرى فقد تقدّم بيانها ، واما الكبرى

۲۹۲