ما فيه مشقّة على جهة الابتداء بشرط الإعلام.

اقول : لما ثبت الغرض من فعله تعالى نفع العبد ، ولا نفع حقيقىّ الا الثّواب ، لأن ما عداه إمّا دفع ضرر أو جلب نفع غير مستمرّ ، فلا يحسن أن يكون ذلك غرضا لخلق العبد. ثمّ الثّواب يقبح الابتداء به كما يأتى ، فاقتضت الحكمة توسّط التّكليف والتّكليف لغة مأخوذ من الكلفة وهى المشقّة ، واصطلاحا على ما ذكره المصنّف. فالبعث على الشّيء هو الحمل عليه ، ومن تجب طاعته هو الله تعالى ، فلذلك قال : على جهة الابتداء لأنّ وجوب طاعة غير الله كالنّبى (ص) والامام (ع) والوالد والسيّد والمنعم تابع ومتفرّع على طاعة الله. وقوله : على ما فيه مشقّة احتراز عما لا مشقّة فيه ، كالبعث على النكاح المستلذّ وأكل المستلذّات من الأطعمة والأشربة. وقوله : بشرط الاعلام أى بشرط إعلام المكلّف بما كلّف به ، وهو من شرائط حسن التكليف. وشرائط حسنه ثلاثة.

الأوّل ، عائد الى التّكليف نفسه وهو أربع : الأوّل ، انتفاء المفسدة فيه لأنه قبيح. الثّاني ، تقدّمه على وقت الفعل. الثّالث ، إمكان وقوعه لأنّه يقبح التكليف بالمستحيل.

الرّابع ، ثبوت صفة زائدة على حسنة اذ لا تكليف بالمباح.

الثّاني ، عائد الى المكلّف وهو فاعل التكليف وهو اربع : الأوّل ، علمه بصفات الفعل من كونه حسنا او قبيحا. الثّاني ، علمه بقدر ما يستحقّه كلّ واحد من المكلّفين من ثواب وعقاب. الثّالث ، قدرته على إيصال المستحقّ حقّه. الرّابع ، كونه غير فاعل للقبيح.

الثّالث ، عائد الى المكلّف وهو محلّ التّكليف وهى ثلاثة : الأوّل ، قدرته على الفعل لاستحالة تكليف ما لا يطاق كتكليف الاعمى نقط المصحف والزمن بالطّيران. الثّاني ، علمه بما كلّف به او إمكان علمه به ، فالجاهل المتمكّن من العلم غير معذور.

الثّالث ، إمكان آلة الفعل.

ثم متعلّق التّكليف إمّا علم أو ظنّ أو عمل. أمّا العلم فإمّا عقلىّ كالعلم بالله و

۲۹۲