فى قوله فيكون راجعا إلى كلّ مرئى بالبصر. وتقرير الدّليل هكذا : لو كان البارى تعالى مرئيّا بالبصر لكان جسما وهو محال لما تقدّم ، والملازمة لأنّه لو كان مرئيّا بالبصر لكان ذا جهة وكل ذى جهة جسم. وإنّما قلنا كلّ مرئىّ بالبصر ذو جهة لأنّه مقابل الخ. ويتّجه على التّقريرين أنّه لا حاجة فى إثبات المطلوب أى التعرّض لكونه تعالى جسما ، بل يكفى التعرّض لكونه ذا جهة لأنّه كما ثبت امتناع الأوّل ثبت امتناع الثّاني بلا تفاوت ، على أنّ قولنا كلّ ذى جهة جسم ممنوع كما لا يخفى.

اللهم إلّا أن يقال المراد من الجسم أعمّ من الجسم والجسمانيّ ، والتّعرّض للجسميّة تعريض للاشاعرة بأنّهم من المجسّمة فى الحقيقة. ولك ان تجعل قوله فيكون جسما من تتمّة قوله لانه إمّا مقابل ... وقوله وهو محال اشارة إلى بطلان اللّازم فى أصل الدّليل.

وتقريره أن يقال : لو كان البارى تعالى مرئيّا بالبصر لكان ذا جهة وهو محال لما تقدّم ، والملازمة ، لأنّ كلّ مرئىّ بالبصر ذو جهة لأنّه مقابل أو ما فى حكمه ، وكلّما هو كذلك جسم فيكون كلّ مرئىّ بالبصر جسما ، وكلّ جسم ذو جهة فكلّ مرئىّ بالبصر ذو جهة.

وفيه ما لا يخفى مع أنّ قولنا كلّما هو مقابل أو ما فى حكمه جسم بظاهره ممنوع فليتأمّل.

ويقرب من هذا الدّليل ما قيل أنّ الرّؤية البصريّة يستلزم خروج الشّعاع من الباصرة إلى المرئىّ ، أو انطباع صورة المرئىّ فيها على اختلاف المذهبين ، واللّازم بقسميّة محال فيه تعالى ضرورة فكذا الملزوم تأمّل.

ومن الادلّة السّمعية على هذا المطلوب ما أشار إليه بقوله ـ ولقوله تعالى لموسى (ع)  ﴿لَنْ تَرانِي حيث قال :  ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ والحال أنّ كلمة لن النّافية موضوعة للتّأبيد أى لتأبيد نفى الفعل الّذي هو مدخولها بالنّقل عن أهل اللّغة ، فتدلّ الآية على نفى رؤية موسى (ع) له تعالى أبدا ، وإذا لم يره موسى (ع) أبدا لم يره غيره إجماعا.

واعترض بأنّا لا نسلّم أنّ كلمة لن للتأبيد مطلقا ، بل هى لتأكيد النّفى فى

۲۹۲