ونجيب عنها (١) :

منها : [أنّه] لا جامع للاستصحاب بحسب المشارب فيه من جهة المباني الثلاثة الآتية في حجّيّته ، وهي الأخبار ، وبناء العقلاء ، وحكم العقل. فلا يصحّ أن يعبّر عنه «بالإبقاء» على جميع هذه المباني ؛ وذلك لأنّ المراد منه إن كان الإبقاء العمليّ من المكلّف فليس بهذا المعنى موردا لحكم العقل ؛ لأنّ المراد من حكم العقل هنا إذعانه ، كما سيأتي ، وإذعانه إنّما هو ببقاء الحكم ، لا بإبقائه العمليّ من المكلّف. وإن كان المراد منه الإبقاء غير المنسوب إلى المكلّف ، فمن الواضح أنّه لا جهة جامعة بين الإلزام الشرعيّ ـ الذي هو متعلّق بالإبقاء ـ وبين البناء العقلائيّ ، والإدراك العقليّ.

والجواب يظهر ممّا سبق ؛ فإنّ المراد من الاستصحاب هو القاعدة في العمل المجعولة من قبل الشارع ، وهي قاعدة واحدة في معناها على جميع المباني ، غاية الأمر أنّ الدليل عليها تارة يكون الأخبار ، وأخرى بناء العقلاء ، وثالثة إذعان العقل الذي يستكشف منه حكم الشرع.

ومنها : أنّ التعريف المذكور لا يتكفّل ببيان أركان الاستصحاب من نحو اليقين السابق ، والشكّ اللاحق.

والجواب : أنّ التعبير «بإبقاء ما كان» مشعر بالركنين معا :

أمّا الأوّل : ـ وهو اليقين السابق ـ فيفهم من كلمة «ما كان» ؛ لأنّه ـ كما أفاده الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره ـ «دخل الوصف في الموضوع مشعر بعلّيّته للحكم ، فعلّة الإبقاء أنّه كان ، فيخرج من التعريف إبقاء الحكم ؛ لأجل وجود علّته ، أو دليله». (٢) وحينئذ ، لا يفرض «أنّه كان» إلاّ إذا كان متيقّنا.

وأمّا الثاني : ـ وهو الشكّ اللاحق ـ فيفهم من كلمة «الإبقاء» الذي معناه الإبقاء حكما ، وتنزيلا ، وتعبّدا ، ولا يكون الحكم التعبّديّ التنزيليّ إلاّ في مورد مفروض فيه الشكّ في الواقع الحقيقيّ ، بل مع عدم الشكّ في البقاء لا معنى لفرض الإبقاء ، وإنّما يكون بقاء

__________________

(١) الضمير راجع إلى الأهمّ باعتبار المضاف إليه ، وكم له من نظائر؟!.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٤١.

۶۸۸۱