الثالث : أنها مترتّبة ، ولكن على العكس من الأوّل ـ أي إنّه يقدّم المرجّح الصدوريّ على غيره ـ ، فيقدّم المشهور الموافق للعامّة على الشاذّ المخالف لهم. وهذا هو ما ذهب إليه شيخنا النائينيّ (١).

الرابع : أنّها مترتّبة ، حسبما جاء في المقبولة ، أو في الروايات الأخرى ، بأن يقدّم ـ مثلا حسبما يظهر من المقبولة ـ المشهور ، فإن تساويا في الشهرة قدّم الموافق للكتاب ، والسنّة ، فإن تساويا في ذلك قدّم ما يخالف العامّة. (٢)

وهناك أقوال أخرى ، لا فائدة في نقلها.

وفي الحقيقة أنّ هذا الخلاف ليس بمناط واحد ، بل يبتني على أشياء :

منها : أنّه يبتني على القول بوجوب الاقتصار على المرجّحات المنصوصة ، فإنّ مقتضى ذلك أن يرجع إلى مدى دلالة أخبار الباب ، وإلى ما ينبغي من الجمع بينها بالجمع العرفيّ فيما اختلفت فيه ، وقد وقع في ذلك (٣) كلام طويل لكثير من الأعلام ، يحتاج استقصاؤه إلى كثير من الوقت. (٤)

والذي نقوله ـ على نحو الاختصار ـ أنّه يبدو من تتبّع الأخبار أنّه لا تفاضل في الترجيح بين الأمور المذكورة فيها. ويشهد لذلك اقتصار جملة منها على واحد منها ، ثمّ ما جمع المرجّحات منها (٥) كالمقبولة والمرفوعة ـ على تقدير الاعتماد عليها ـ لم تذكرها [كلّها] (٦) ، كما لم تتّفق في الترتيب بينها.

__________________

ـ كفاية الأصول : ٥١٨. وراجع الفوائد القديمة «الفوائد الحائريّة» : ١٢٠ ، وبدائع الأفكار (للمحقّق الرشتيّ) : ٤٥٥ و ٤٥٧.

(١) فوائد الأصول ٤ : ٧٧٩.

(٢) هذا ما يبتنيه المحقّق العراقيّ على القول بوجوب الاقتصار في الترجيح على المرجّحات المنصوصة ـ كما ذهب إليه نفسه ـ. نهاية الأفكار ٤ «القسم الثاني» : ١٩٦ و ٢٠١.

(٣) أي : في القول بوجوب الاقتصار.

(٤) وإن أردت الاطّلاع على تفصيل البحث عنه فراجع فرائد الأصول ٢ : ٧٧٩ ـ ٧٨٢ ؛ كفاية الأصول : ٥٠٩ ـ ٥١١ ؛ فوائد الأصول ٤ : ٧٨٥ ؛ نهاية الأفكار ٤ «القسم الثاني» : ١٩٣ ـ ١٩٦.

(٥) أي : من الروايات.

(٦) أي : المرجّحات.

۶۸۸۱