ولا فرق في هذا الفرض بين ما إذا كانا معا مشروطين بالقدرة الشرعيّة ، أو مطلقين معا ، أمّا : لو اختلفا فإنّ المطلق مقدّم على المشروط بالقدرة الشرعيّة ، وإن كان زمان فعله متأخّرا.

٦. أن يكون أحد الواجبين أولى عند الشارع في التقديم من غير تلك الجهات المتقدّمة.

والأولويّة تعرف إمّا من الأدلّة ، وإمّا من مناسبة الحكم للموضوع ، وإمّا من معرفة ملاكات الأحكام بتوسّط الأدلّة السمعيّة. ومن أجل ذلك ، فإنّ الأولويّة تختلف باختلاف ما يستفاد من هذه الأمور ، ولا ضابط عامّ يمكن الرجوع إليه عند الشكّ ، فمن تلك الأولويّة ما إذا كان في الحكم الحفاظ على بيضة الإسلام ؛ فإنّه أولى بالتقديم من كلّ شيء في مقام المزاحمة.

ومنها : ما كان يتعلّق بحقوق الناس ؛ فإنّه أولى من غيره من التكاليف الشرعيّة المحضة ، أي التي لا علاقة لها بحقوق غير المكلّف بها.

ومنها : ما كان من قبيل الدماء والفروج ؛ فإنّه يحافظ عليه أكثر من غيره ؛ لما هو المعروف عند الشارع المقدّس من الأمر بالاحتياط الشديد في أمرها. فلو دار الأمر بين حفظ نفس المؤمن وحفظ ماله فإنّ حفظ نفسه مقدّم على حفظ ماله قطعا.

ومنها : ما كان ركنا في العبادة ، فإنّه مقدّم على ما ليس له هذه الصفة عند المزاحمة ، كما لو وقع التزاحم في الصلاة بين أداء القراءة و [أداء] الركوع ، فإنّ الركوع مقدّم على القراءة ، وإن كان زمان امتثاله متأخّرا عن القراءة.

وعلى مثل هذه فقس ، وأمثالها كثيرة لا تحصى ، كما لو دار الأمر بين الصلح بين المؤمنين بالكذب وبين الصدق وفيه الفتنة بينهم ، فإنّ الصلح مقدّم على الصدق. وهذا معروف من ضرورة الشرع الإسلاميّ.

وممّا ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أنّه لو احتمل أهميّة أحد المتزاحمين فإنّ الاحتياط يقتضي تقديم محتمل الأهمّيّة ، وهذا الحكم العقليّ بالاحتياط يجري في كلّ مورد يدور فيه الأمر بين التعيين والتخيير في الواجبات. وعليه ، فلا يجب إحراز أهمّيّة أحد المتزاحمين ، بل يكفي الاحتمال. وهذا أصل ينفع كثيرا في الفروع الفقهيّة ، فاحتفظ به.

۶۸۸۱