أو الشكّ في ثبوت اللازم ، وهو حكم الشارع؟

ولكن ، مع كلّ هذا وقع الشكّ لبعض الأخباريّين في هذا الموضوع ، (١) فلا بدّ من تجليته (٢) لكشف المغالطة ، فنقول :

قد أشرنا في المقصد الثاني إلى هذا النزاع (٣) ، وقلنا : إنّ مرجع هذا النزاع إلى ثلاث نواح ، وذلك حسب اختلاف عباراتهم :

الأولى : في إمكان أن ينفي الشارع حجّيّة هذا القطع. وقد اتّضح لنا ذلك بما شرحناه في حجّيّة القطع الذاتيّة من هذا الجزء ، فارجع إليه (٤) لتعرف استحالة النهي عن اتّباع القطع.

الثانية : بعد فرض إمكان نفي الشارع حجّيّة القطع ، هل نهى الشارع عن الأخذ بحكم العقل؟ وقد ادّعى ذلك جملة من الأخباريّين الذين وصل إلينا كلامهم (٥) ؛ مدّعين أنّ الحكم الشرعيّ لا يتنجّز ، ولا يجوز الأخذ به إلاّ إذا ثبت من طريق الكتاب ، والسنّة.

أقول : ومردّ هذه الدعوى في الحقيقة إلى دعوى تقييد الأحكام الشرعيّة بالعلم بها من طريق الكتاب ، والسنّة. وهذا خير ما يوجّه به كلامهم. ولكن قد سبق الكلام مفصّلا في مسألة اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل من هذا الجزء ، فقلنا : إنّه يستحيل تعليق الأحكام على العلم بها مطلقا ، فضلا عن تقييدها بالعلم الناشئ من سبب خاصّ ، وهذه الاستحالة ثابتة ، حتى لو قلنا بإمكان نفي حجّيّة القطع ؛ لما قلناه من لزوم الخلف ، كما شرحناه هناك. (٦)

__________________

(١) وفي «س» : «في هذا الأمر الضروريّ ، وهو من غرائب المقالات». والأولى ما في المتن ، فإنّ في هذه العبارة مبالغة في تهجين ما ذكره الأخباريّون ، ويفهم منها الإزراء بحالهم ، وهو لا يليق بشأن المصنّف قدس‌سره ؛ لأنّ فيها شائبة من الغيبة.

(٢) وفي «س» : «تجلية الموضوع».

(٣) راجع الصفحة : ٢٢٥.

(٤) راجع الصفحة : ٣٨٠.

(٥) منهم المحدّث الأسترآبادي في الفوائد المدنيّة : ١٢٩ ـ ١٣١ ، والعلاّمة البحرانيّ في الحدائق الناضرة ١ : ١٣٢.

(٦) راجع الصفحة : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

۶۸۸۱