الحكم بالحجّة؟ (١)

وعلى هذا ، فالحجّة بهذا الاصطلاح لا تشمل القطع ـ أي : إنّ القطع لا يسمّى حجّة بهذا المعنى ، بل بالمعنى اللغويّ ؛ لأنّ طريقيّة القطع ـ كما سيأتي (٢) ـ ذاتيّة غير مجعولة من قبل أحد.

وتكون الحجّة بهذا المعنى الأصوليّ مرادفة لكلمة «الأمارة» ، كما أنّ كلمة «الدليل» ، وكلمة «الطريق» تستعملان في هذا المعنى ، فتكونان مرادفتين لكلمة «الأمارة» ، و «الحجّة» ، أو كالمرادفتين.

وعليه ، فلك أن تقول في عنوان هذا المقصد بدل كلمة «مباحث الحجّة» : مباحث الأمارات ، (٣) أو مباحث الأدلّة ، (٤) أو مباحث الطرق. (٥) وكلّها يؤدّي معنى واحدا. (٦)

وممّا ينبغي التنبيه عليه في هذا الصدد أنّ استعمال كلمة «الحجّة» في المعنى الذي تؤدّيه كلمة «الأمارة» مأخوذ من المعنى اللغويّ (٧) من باب تسمية الخاصّ باسم العامّ ؛ نظرا إلى أنّ الأمارة ممّا يصحّ أن يحتجّ المكلّف بها إذا عمل بها وصادفت مخالفة الواقع ، فتكون معذّرة له ، كما أنّها ممّا يصحّ أن يحتجّ بها المولى على المكلّف إذا لم يعمل بها ، ووقع في مخالفة الحكم الواقعيّ ، فيستحقّ العقاب على المخالفة.

__________________

(١) سيأتي في المبحث الثاني عشر.

(٢) يأتي في المبحث السابع.

(٣) كما في كفاية الأصول : ٢٩٥.

(٤) كما في كتاب دروس في علم الأصول ١ : ١٩١ و ٢ : ٤٥.

(٥) كما في فوائد الأصول ٣ : ٨٨.

(٦) وهو الكاشفيّة عن شيء آخر ، والحكاية عنه على وجه يكون مثبتا له.

(٧) وهو الاحتجاج المطلق.

۶۸۸۱