وليس في الأمر إلاّ مصلحة الفعل.

وأمّا : أنّ الخروج ليس بواجب غيريّ ؛ فلأنّه :

أوّلا : قد تقدّم أنّ مقدّمة الواجب ليست بواجبة (١) على تقدير القول بأنّ التخلّص واجب نفسيّ.

وثانيا : أنّ الخروج ـ الذي هو عبارة عن الحركات الخروجيّة في مقصود هذا القائل ـ ليس مقدّمة لنفس التخلّص عن الحرام ، بل على التحقيق إنّما هو مقدّمة للكون في خارج الدار ، والكون في خارج الدار ملازم لعنوان التخلّص عن الحرام لا نفسه ، ولا يلزم من فرض وجوب التخلّص فرض وجوب ملازمه ، فإنّ الملازمين لا يجب أن يشتركا في الحكم ـ كما تقدّم في مسألة الضدّ (٢) ـ. وإذا لم يجب الكون خارج الدار كيف تجب مقدّمته؟!

وثالثا : لو سلّمنا أنّ التخلّص واجب نفسيّ ، وأنّه نفس الكون خارج الدار فتكون الحركات الخروجيّة مقدّمة له ، وأنّ مقدّمة الواجب واجبة ـ لو سلّمنا كلّ ذلك ـ ، فإنّ مقدّمة الواجب إنّما تكون واجبة حيث لا مانع من ذلك ، كما لو كانت محرّمة في نفسها ، كركوب المركب الحرام في طريق الحجّ ؛ فإنّه لا يقع على صفة الوجوب وإن توصّل به إلى الواجب. وهنا الحركات الخروجيّة تقع على صفة الحرمة ـ كما قدّمنا ـ باعتبار أنّها من أفراد الحرام ، وهو التصرّف بالمغصوب ، فلا تقع على صفة الوجوب من باب المقدّمة.

فإن قلت : إنّ المقدّمة المحرّمة إنّما لا تقع على صفة الوجوب حيث لا تكون منحصرة ، وأمّا مع انحصار التوصّل بها إلى الواجب فإنّه يقع التزاحم بين حرمتها ووجوب ذيها ؛ لأنّ الأمر يدور حينئذ بين امتثال الوجوب وبين امتثال الحرمة ، فلو كان الوجوب أهمّ قدّم على حرمة المقدّمة فتسقط حرمتها. وهنا الأمر كذلك ؛ فإنّ المقدّمة منحصرة ، والواجب ـ وهو ترك الغصب الزائد ـ أهمّ.

قلت : هذا صحيح لو كان الدوران لم يقع بسوء اختيار المكلّف ؛ فإنّه حينئذ يكون

__________________

(١) تقدّم في الصفحة : ٢٩٩ ـ ٣٠١.

(٢) تقدّم في الصفحة : ٣٠٦.

۶۸۸۱