بالعرض ، نظير العلم ؛ فإنّه لا يعقل أن يتشخّص بالأمر الخارجيّ ، والمعلوم بالذات دائما وأبدا هو العنوان الموجود بوجود العلم ، ولكن بما هو حاك ومرآة عن المعنون.

وأمّا المعنون لذلك العنوان فهو معلوم بالعرض باعتبار فناء العنوان فيه.

وفي الحقيقة إنّما يتعلّق الشوق بشيء إذا كان له جهة وجدان وجهة فقدان ، فلا يتعلّق بالمعدوم من جميع الجهات ، ولا بالموجود من جميع الجهات. وجهة الوجدان في المشتاق إليه هو العنوان الموجود بوجود الشوق في أفق النفس باعتبار ما له من وجود عنوانيّ فرضيّ. وجهة الفقدان في المشتاق إليه هو عدمه الحقيقيّ في الخارج ، ومعنى الشوق إليه هو الرغبة في إخراجه من حدّ الفرض والتقدير إلى حدّ الفعليّة والتحقيق.

وإذا كان الشوق على هذا النحو ، فكذلك حال الطلب والبعث بلا فرق ، فيكون حقيقة طلب الشيء هو تعلّقه بالعنوان لإخراجه من حدّ الفرض والتقدير إلى حدّ الفعليّة والتحقيق (١).

ثانيا : أنّا لمّا قلنا بأنّ متعلّق التكليف هو العنوان لا المعنون لا نعني أنّ العنوان بما له من الوجود الذهنيّ يكون متعلّقا للطلب ؛ فإنّ ذلك باطل بالضرورة ؛ لأنّ مثار الآثار ومتعلّق الغرض والذي تترتّب عليه المصلحة والمفسدة هو المعنون لا العنوان ؛ بل نعني أنّ المتعلّق هو العنوان حال وجوده الذهنيّ ، لا أنّه بما له من الوجود الذهنيّ أو هو مفهوم ، ومعنى تعلّقه بالعنوان حال وجوده الذهنيّ أنّه يتعلّق به نفسه باعتبار أنّه مرآة عن المعنون وفان فيه ، فتكون التخلية فيه عن الوجود الذهنيّ عين التحلية به.

ثالثا : أنّا إذ نقول : «إنّ المتعلّق للتكليف هو العنوان بما هو مرآة عن المعنون ، وفان فيه» لا نعني أنّ المتعلّق الحقيقيّ للتكليف هو المعنون ، وأنّ التكليف يسري من العنوان إلى المعنون باعتبار فنائه فيه ـ كما قيل (٢) ـ ، فإنّ ذلك باطل بالضرورة أيضا ؛ لما تقدّم أنّ المعنون يستحيل أن يكون متعلّقا للتكليف بأيّ حال من الأحوال ، وهو محال حتّى لو كان بتوسّط العنوان ، فإنّ توسّط العنوان لا يخرجه عن استحالة تعلّق التكليف به ؛ بل نعني

__________________

(١) هذا الأمر كلّه ما أفاده المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ١ : ٤٨٤ و ٥٢٥ ـ ٥٢٨.

(٢) وهو الظاهر من كلام المحقّق العراقي في نهاية الأفكار ٢ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، وبدائع الأفكار ١ : ٤٢٠.

۶۸۸۱