نذكرها كلّها :

١. إنّه من المعلوم أنّ الأحكام الواردة في حال الاضطرار واردة للتخفيف على المكلّفين ، والتوسعة عليهم في تحصيل مصالح التكاليف الأصليّة الأوّليّة ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. (١)

وليس من شأن التخفيف والتوسعة أن يكلّفهم ثانيا بالقضاء أو الأداء ، وإن كان الناقص لا يسدّ مسدّ الكامل في تحصيل مصلحته الملزمة.

٢. إنّ أكثر الأدلّة الواردة في التكاليف الاضطراريّة مطلقة ، مثل قوله (تعالى) : ﴿فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً (٢) أي إنّ ظاهرها بمقتضى الإطلاق الاكتفاء بالتكليف الثاني لحال الضرورة ، وأنّ التكليف منحصر فيه وليس وراءه تكليف آخر ، فلو أنّ الأداء أو القضاء واجب أيضا لوجب البيان والتنصيص على ذلك وإذ لم يبيّن ذلك علم أنّ الناقص يجزئ عن أداء الكامل أداء وقضاء ، لا سيّما مع ورود مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ التراب يكفيك عشر سنين». (٣)

٣. إنّ القضاء بالخصوص إنّما يجب فيما إذا صدق الفوت ، ويمكن أن يقال : «إنّه لا يصدق الفوت في المقام ؛ لأنّ القضاء إنّما يفرض فيما إذا كانت الضرورة مستمرّة في جميع وقت الأداء». وعلى هذا التقدير ، لا أمر بالكامل في الوقت ، وإذا لم يكن أمر فقد يقال : «إنّه لا يصدق بالنسبة إليه فوت الفريضة ، إذ لا فريضة».

وأمّا الأداء : فإنّما يفرض فيما يجوز البدار به ، وقد ابتدر المكلّف ـ حسب الفرض ـ إلى فعل الناقص في الأزمنة الأولى من الوقت ، ثمّ زالت الضرورة قبل انتهاء الوقت. ونفس الرخصة في البدار ـ لو ثبتت ـ تشير إلى مسامحة الشارع في تحصيل الكامل عند التمكّن ، وإلاّ لفرض عليه الانتظار تحصيلا للكامل.

٤. إذا كنّا قد شككنا في وجوب الأداء والقضاء ، والمفروض أنّ وجوبهما لم ننفه

__________________

(١) البقرة (٢) الآية : ١٨٥.

(٢) النساء (٤) الآية : ٤٣ ، المائدة (٥) الآية : ٦.

(٣) هذا مفاد الحديث. وتقدّم نصّه في التعليقة (٣) من الصفحة : ٢٥٦.

۶۸۸۱