إطلاق المطلق بدليّا ، نحو قوله : «أعتق رقبة» ، وبين أن يكون شموليّا مثل قوله : «في الغنم زكاة» ، المقيّد بقوله : «ليس في الغنم المعلوفة زكاة».

الثاني : أن يكونا متّفقين ، وله مقامان : المقام الأوّل : أن يكون الإطلاق بدليّا ، والمقام الثاني : أن يكون شموليّا.

فإن كان الإطلاق بدليّا ؛ فإنّ الأمر فيه يدور بين التصرّف في ظاهر المطلق بحمله على المقيّد ، وبين التصرّف في ظاهر المقيّد. والمعروف (١) أنّ التصرّف الأوّل هو الأولى ؛ لأنّه لو كانا مثبتين مثل قوله : «أعتق رقبة» و «أعتق رقبة مؤمنة» فإنّ المقيّد ظاهر في أنّ الأمر فيه للوجوب التعيينيّ ، فالتصرّف فيه إمّا بحمله على الاستحباب ـ أي أنّ الأمر بعتق الرقبة المؤمنة بخصوصها باعتبار أنّها أفضل الأفراد ـ أو بحمله على الوجوب التخييريّ ، أي إنّ الأمر بعتق الرقبة المؤمنة باعتبار أنّه أحد أفراد الواجب ، لا لخصوصيّة فيها حتّى خصوصيّة الأفضليّة.

وهذان التصرّفان وإن كانا ممكنين ، لكن ظهور المقيّد في الوجوب التعيينيّ مقدّم على ظهور المطلق في إطلاقه (٢) ؛ لأنّ المقيّد صالح لأن يكون قرينة للمطلق ، ولعلّ المتكلّم اعتمد عليه في بيان مرامه ، ولو في وقت آخر ، لا سيّما مع احتمال أنّ المطلق الوارد كان محفوفا بقرينة متّصلة غابت عنّا ، فيكون المقيّد كاشفا عنها.

وإن كان الإطلاق شموليّا ، مثل قوله : «في الغنم زكاة» وقوله : «في الغنم السائمة زكاة» ، فلا تتحقّق المنافاة بينهما حتّى يجب التصرّف في أحدهما ؛ لأنّ وجوب الزكاة في الغنم السائمة بمقتضى الجملة الثانية لا ينافي وجوب الزكاة في غير السائمة ، إلاّ على القول بدلالة الوصف على المفهوم ، وقد عرفت أنّه لا مفهوم للوصف. وعليه فلا منافاة بين الجملتين لنرفع بها اليد عن إطلاق المطلق.

__________________

(١) كما في كفاية الأصول : ٢٩٠.

(٢) هكذا في كفاية الأصول : ٢٩١.

۶۸۸۱