عموم الحكم كاشفا عن وجوده فيه.

نعم ، لو علم بعدم وجود الملاك في فرد ، يكون الفرد نفسه خارجا كما لو أخرجه المولى بالنّص عليه ، لا أنّه يكون كالمقيّد لموضوع العامّ.

وأمّا سكوت المولى عن بيانه ، فهو إمّا لمصلحة أو لغفلة إذا كان من الموالي العاديّين. نعم ، لو تردّد الأمر بين أن يكون المخصّص كاشفا عن الملاك أو مقيّدا لعنوان العامّ ؛ فإنّ التفصيل الذي ذكره صاحب الكفاية قدس‌سره يكون وجيها.

والحاصل أنّ المخصّص إن أحرزنا أنّه كاشف عن تقييد موضوع العامّ فلا يجوز التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقيّة أبدا ، وإن أحرزنا أنّه كاشف عن ملاك الحكم فقط من دون تقييد فلا مانع من التمسّك بالعموم ، بل يكون كاشفا عن وجود الملاك في المشكوك. وإن تردّد أمره ولم يحرز كونه قيدا أو ملاكا فان كان حكم العقل ضروريّا يمكن الاتّكال عليه في التفهيم فيلحق بالقسم الأوّل ، وإن كان نظريّا أو اجماعا لا يصحّ الاتّكال عليه فيلحق بالقسم الثاني ، فيتمسّك بالعموم ، لجواز أن يكون الفرد المشكوك قد أحرز المولى وجود الملاك فيه ، مع احتمال أنّ ما أدركه العقل أو قام عليه الإجماع من قبيل الملاكات (١).

هذا كلّه حكاية أقوال علمائنا في المسألة. وإنّما أطلت في نقلها ؛ لأنّ هذه المسألة حادثة ، أثارها شيخنا الأنصاريّ قدس‌سره مؤسّس الأصول الحديث. واختلف فيها أساطين مشايخنا ، ونكتفى بهذا المقدار دون بيان ما نعتمد عليه من الأقوال ، لئلاّ نخرج عن الغرض الذي وضعت له الرسالة.

وبالاختصار إنّ ما ذهب إليه الشيخ قدس‌سره هو الأولى بالاعتماد. ولكن مع تحرير لقوله على غير ما هو المعروف عنه (٢).

__________________

(١) انتهى مخلّص كلام المحقّق النائينيّ.

(٢) وتوضيح ذلك : أن كلّ عامّ ظاهر في العموم لا بدّ أن يتضمّن ظهورين : ١ : ظهوره في عدم منافاة أيّة صفة من الصفات أو أيّ عنوان من العناوين لحكمه. ٢ : ظهوره في عدم وجود المنافي أيضا ، أي إنّه ظاهر في عدم المنافاة وعدم المنافي معه ، فإنّ معنى ظهور عموم «أكرم جيراني» ـ مثلا ـ أنّه ليس هناك صفة أو عنوان ينافي الحكم بوجوب إكرام الجيران ، نحو صفة العداوة أو الفسق أو نحو ذلك ، كما معناه أيضا أنّه ليس يوجد ـ

۶۸۸۱