للمولى أن يؤاخذه على عدم إكرامه ، ولا يصحّ منه الاعتذار بمجرّد احتمال العداوة ، لأنّ بناء العقلاء وسيرتهم هي ملاك حجّيّة أصالة الظهور ، فيكون ظهور العامّ ـ في هذا المقام ـ حجّة بمقتضى بناء العقلاء.

وزاد على ذلك أنّه يستكشف من عموم العامّ للفرد المشكوك أنّه ليس فردا للخاصّ الذي علم خروجه من حكم العامّ. ومثّل له بعموم قوله : «لعن الله بني فلان قاطبة» المعلوم منه خروج من كان مؤمنا منهم ، فإن شكّ في إيمان شخص يحكم بجواز لعنه للعموم. وكلّ من جاز لعنه ليس مؤمنا. فينتج من الشكل الأوّل : «هذا الشخص ليس مؤمنا». هذا خلاصة رأي صاحب الكفاية قدس‌سره (١)

ولكن شيخنا المحقّق الكبير النائينيّ قدس‌سره لم يرتض هذا التفصيل ، ولا إطلاق رأي الشيخ قدس‌سره ، بل ذهب إلى تفصيل آخر (٢). وخلاصته : أن المخصّص اللبّيّ ، سواء كان عقليّا ضروريّا يصحّ أن يتّكل عليه المتكلّم في مقام التخاطب أو لم يكن كذلك ، بأن كان عقليّا نظريّا أو إجماعا ؛ فإنّه كالمخصّص اللفظيّ كاشف عن تقييد المراد الواقعيّ في العامّ من عدم كون موضوع الحكم الواقعي باقيا على إطلاقه الذي يظهر فيه العامّ ، فلا مجال للتمسّك بالعامّ في الفرد المشكوك بلا فرق بين اللبّيّ واللفظيّ ؛ لأنّ المانع من التمسّك بالعامّ مشترك بينهما وهو انكشاف تقييد موضوع الحكم واقعا. ولا يفرق في هذه الجهة بين أن يكون الكاشف لفظيّا أو لبيّا.

واستثنى من ذلك ما اذا كان المخصّص اللبّيّ لم يستكشف منه تقييد موضوع الحكم واقعا ، بأن كان العقل إنّما أدرك ما هو ملاك حكم الشارع واقعا ، أو قام الإجماع على كونه ملاكا لحكم الشارع ، كما إذا أدرك العقل أو قام الإجماع على أنّ ملاك لعن بني فلان (٣) هو كفرهم ، فإنّ ذلك لا يوجب تقييد موضوع الحكم ، لأنّ الملاك لا يصلح لتقييده ، بل من العموم يستكشف وجود الملاك في جميعهم. فإذا شكّ في وجود الملاك في فرد ، يكون

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

(٢) فوائد الأصول ٢ : ٥٣٦ ـ ٥٣٨.

(٣) أي بنى اميّة قاطبة ـ مثلا ـ.

۶۸۸۱