وقيل بالعكس. (١)

والحقّ في المسألة هو الحجّيّة مطلقا ؛ لأنّ اساس النزاع ناشئ من النزاع في المسألة السابقة ، وهي أنّ العامّ المخصّص مجاز في الباقي أم لا؟

ومن قال بالمجاز يستشكل في ظهور العامّ وحجّيّته في جميع الباقي من جهة أنّ المفروض أنّ استعمال العامّ في تمام الباقى مجاز واستعماله في بعض الباقي مجاز آخر أيضا ، فيقع النزاع في أنّ المجاز الأوّل أقرب إلى الحقيقة ، فيكون العامّ ظاهرا فيه ، أو أنّ المجازين متساويان فلا ظهور في أحدهما. فإذا كان المجاز الأوّل هو الظاهر كان العامّ حجّة في تمام الباقي ، وإلاّ فلا يكون حجّة.

أمّا نحن الذين نقول بأن العامّ المخصّص حقيقة [في الباقي] ـ كما تقدّم ـ ، ففي راحة من هذا النزاع ؛ لأنّا قلنا : إنّ أداة العموم باقية على ما لها من معنى الشمول لجميع أفراد مدخولها ، فإذا خرج من مدخولها بعض الأفراد بالتخصيص بالمتّصل أو المنفصل فلا تزال دلالتها على العموم باقية على حالها ، وإنّما مدخولها تتضيّق دائرته بالتخصيص.

فحكم العامّ المخصّص حكم العامّ غير المخصّص في ظهوره في الشمول لكلّ ما يمكن أن يدخل فيه.

وعلى أيّ حال ، بعد القول بأنّ العامّ المخصّص حقيقة في الباقي ـ على ما بيّنّاه ـ لا يبقى شك في حجّيّته في الباقي. وإنّما يقع الشكّ على تقدير القول بالمجازيّة ، فقد نقول إنّه حجّة في الباقي على هذا التقدير ، وقد لا نقول. لا أنّه كلّ من يقول بالمجازيّة يقول بعدم الحجّيّة ، كما توهّم ذلك بعضهم (٢).

__________________

(١) لم يذكر له قائل. وحكي الشوكاني والآمدي خمسة مذاهب أخر ، فراجع إرشاد الفحول : ١٣٨ ، والإحكام ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩.

(٢) وهو المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٢ : ٥١٦ و ٥٢٣.

۶۸۸۱