والمختار هو القول الثاني ، وهو عدم التبعيّة مطلقا ؛ لأنّ الظاهر من التقييد أنّ القيد ركن في المطلوب ، فإذا قال مثلا : «صم يوم الجمعة» فلا يفهم منه إلاّ مطلوب واحد لغرض واحد ، وهو خصوص صوم هذا اليوم ، لا أنّ الصوم بذاته مطلوب ، وكونه في يوم الجمعة مطلوب آخر.

وأمّا في مورد دليل التوقيت المنفصل ، كما إذا قال : «صم» ثمّ قال مثلا : «اجعل صومك يوم الجمعة» ، فأيضا كذلك ، نظرا إلى أنّ هذا من باب المطلق والمقيّد ، فيجب فيه حمل المطلق على المقيّد ، ومعنى حمل المطلق على المقيّد هو تقييد أصل المطلوب الأوّل بالقيد ، فيكشف ذلك التقييد عن أنّ المراد بالمطلق واقعا من أوّل الأمر خصوص المقيّد ، فيصبح الدليلان بمقتضى الجمع بينهما دليلا واحدا ، لا أنّ المقيّد مطلوب آخر غير المطلق ، وإلاّ كان معنى ذلك بقاء المطلق على إطلاقه ، فلم يكن حملا ولم يكن جمعا بين الدليلين ، بل يكون أخذا بالدليلين.

نعم ، يمكن أن يفرض ـ وإن كان هذا فرضا بعيد الوقوع في الشريعة ـ أن يكون دليل التوقيت المنفصل مقيّدا بالتمكّن ، كأن يقول في المثال : «اجعل صومك يوم الجمعة إن تمكّنت» ، أو كان دليل التوقيت ليس فيه إطلاق يعمّ صورتي التمكّن وعدمه ، ـ وصورة التمكّن هي القدر المتيقّن منه ـ فإنّه في هذا الفرض يمكن التمسّك بإطلاق دليل الواجب لإثبات وجوب الفعل خارج الوقت ؛ لأنّ دليل التوقيت غير صالح لتقييد إطلاق دليل الواجب إلاّ في صورة التمكّن ، ومع الاضطرار إلى ترك الفعل في الوقت يبقى دليل الواجب على إطلاقه.

وهذا الفرض هو الذي يظهر من الكفاية لشيخ أساتذتنا الآخوند قدس‌سره (١) ، ولكنّه فرض بعيد جدّا. على أنّه مع هذا الفرض لا يصدق الفوت ولا القضاء ، بل يكون وجوبه خارج الوقت من نوع الأداء.

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٧٨.

۶۸۸۱