عليها أكثر من أيّة أمّة أخرى ، فكانت مسلوبة الحرية في عهد الدولة الأموية كلّه ، وفي عهد العباسيّين على طوله ، وفي أكثر أيّام الدولة العثمانيّة ، ولأجله استشعروا بشعار التقيّة أكثر من أيّ قوم ، ولما كانت الشيعة تختلف عن الطوائف المخالفة لها في قسم مهم من الاعتقادات في أصول الدين وفي كثير من الأحكام الفقهية ، والمخالفة تستجلب بالطبع رقابة ، وتصدّقه التجارب ، لذلك أصبحت الشّيعة مضطرّة في أكثر الأحيان إلى كتمان ما تختصّ به من عادة أو عقيدة أو فتوى ، وكتاب أو غير ذلك ، تبتغي بهذا الكتمان صيانة النفس والنفيس ، والمحافظة على الوداد والأخوّة مع سائر إخوانهم المسلمين لئلّا تنشقّ عصا الطاعة ، ولكي لا يحسّ الكفّار بوجود اختلاف ما في المجتمع الإسلامي فيوسع الخلاف بين الأُمّة المحمّدية ـ إلى أن قال : ـ لقد كانت التقية شعاراً لآل البيت عليهم‌السلام دفعاً للضرر عنهم ومن أتباعهم وحقنا لدمائهم واستصلاحاً لحال المسلمين وجمعاً لكلمتهم ولمّاً لشعثهم ، وما زالت سمة تعرف بها الإمامية دون غيرها من الطوائف والأُمم ، وكلّ إنسان إذا أحسّ بالخطر على نفسه ، أو ماله بسبب نشر معتقده ، أو التظاهر به لا بدّ أن يكتم ويتّقي مواضع الخطر ، وهذا أمر تقتضيه فطرة العقول ـ إلى آخر ما قال ـ. (١)

__________________

(١) مجلة المرشد : ٣ / ٢٥٢.

۵۲۸۱