إلى الكتاب والسنّة لوقفوا على أنّها ممّا تحكم به ضرورة العقل ونصّ الشريعة.

حقيقة التقيّة وغايتها

التقيّة مشتقّة من الوقاية والمراد منها التحفّظ على ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ ، وإذا كان هذا مفهومها فهي تقابل النفاق ، تقابل الإيمان والكفر ، فإنّ النفاق عبارة عن إظهار الحقّ وإخفاء الباطل ، ومع هذا التباين بينهما لا يصحّ عدّها من فروع النفاق ، كما أنّ القرآن الكريم يعرف المنافقين بالمتظاهرين بالإيمان والمبطنين للكفر ، يقول سبحانه :

﴿إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١)

فالغاية من التقيّة الدينية هي صيانة النفس والعرض والمال ، وذلك في ظروف قاهرة لا يستطيع فيها المؤمن أن يعلن عن موقفه الحقّ صريحاً ، إنّ التقية سلاح الضعيف في مقابل القوي الغاشم ، سلاح من يبتلي بمن لا يحترم دمه وعرضه وماله ، لا لشيء إلّا لأنّه لا يتّفق في بعض المبادئ والأفكار.

فإذا كان هذا معنى التقيّة ومفهومها ، وكانت هذه غايتها ، فهو أمر فطري يسوق الإنسان إليه قبل كلّ شيء عقله وتدعو إليه فطرته ، ولأجل ذلك

__________________

(١) المنافقون : ١.

۵۲۸۱