التاسعة لمقابلة الجيوش البيزنطية ولكنّه لم يلق أحداً ، فأقام في تبوك أيّاماً ثمّ رجع إلى المدينة ، ولم يكتف بهذا بل جهّز جيشاً في أُخريات أيّامه بقيادة أسامة بن زيد لمواجهة جيوش الروم ، هذا من الخارج.

وأمّا من الداخل ، فقد كان الإسلام والمسلمون يعانون من وطأة مؤامرات المنافقين الّذين كانوا يشكّلون جبهة عدوانية داخلية ، أشبه بما يسمّى بالطابور الخامس ، فهؤلاء أسلموا بألسنتهم دون قلوبهم ، وكانوا يتحيّنون الفرص لإضعاف الدولة الإسلامية بإثارة الفتن الداخلية ، ولقد انبرى القرآن الكريم لفضح المنافقين والتشهير بخططهم ضد الدين والنبيّ في العديد من السور القرآنية وقد نزلت في حقّهم سورة خاصّة.

إنّ اهتمام القرآن بالتعرّض للمنافقين المعاصرين للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، المتواجدين بين الصحابة أدلّ دليل على أنّهم كانوا قوة كبيرة ويشكّلون جماعة وافرة ويلعبون دوراً خبيثاً في إفساح المجال لأعداء الإسلام ، بحيث لو لا قيادة النبيّ الحكيمة لقضوا على كيان الدين ، ويكفي في ذلك قوله سبحانه :

﴿لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كارِهُونَ (١).

وقد كان محتملاً ومترقّباً أن يتّحد هذا المثلث الخطير لاكتساح الإسلام واجتثاث جذوره بعد وفاة النبيّ ، فمع هذا الخطر المحيق الداهم ، ما

__________________

(١) التوبة : ٤٨.

۵۲۸۱