إنّ لله سبحانه تقديرين ، محتوماً وموقوفاً ، والمراد من المحتوم ما لا يبدّل ولا يغيّر مطلقاً ، وذلك كقضائه سبحانه للشّمس والقمر مسيرين إلى أجل معيّن ، وللنظام الشّمسي عمراً محدّداً ، وتقديره في حقِّ كلّ إنسان بأنّه يموت ، إلى غير ذلك من السنن الثابتة الحاكمة على الكون والإنسان.

والمراد من التقدير الموقوف الأُمور المقدّرة على وجه التعليق ، فقدّر أنّ المريض يموت في وقت كذا إلّا إذا تداوى ، أو أجريت له عمليّة جراحية ، أو دعي له وتصدّق عنه ، وغير ذلك من التقادير الّتي تغيّر بإيجاد الأسباب المادّية وغيرها الّتي هي أيضاً من مقدّراته سبحانه ، والله سبحانه يعلم في الأزل كلا التقديرين : المحتوم ، الموقوف ، وما يتوقف عليه الموقوف ، وإليك بعض ما ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام حول هذين التقديرين :

١. سئل أبو جعفر الباقر عليه‌السلام عن ليلة القدر ، فقال : تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة ... إلى أن قال ـ : وأمر موقوف لله تعالى فيه المشيئة ، يقدِّم منه ما يشاء ويؤخِّر ما يشاء ، وهو قوله :

﴿يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (١)

٢. روى الفضيل : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «من الأُمور أمور محتومة جائية لا محالة ، ومن الأُمور أُمور موقوفة عند الله يقدِّم منها ما يشاء ويمحو منها ما يشاء : ويثبت منها ما يشاء». (٢)

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤ / ١٠٢ ، باب البداء ، الحديث ١٤ ، نقلاً عن أمالي الطوسي.

(٢) المصدر السابق : ١١٩ ، الحديث ٥٨.

۵۲۸۱