فالعالم المشهود لنا لا يخلو من تقدير وقضاء ، فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها ، وآثار وجودها ، وخصوصيات كونها بما أنّها متعلقة الوجود والآثار بموجودات أخرى ، أعنى العلل والشرائط ، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها ، فالتقدير يهدي هذا النوع من الموجودات إلى ما قدّر له في مسير وجوده ، قال تعالى : ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (١). أي هدى ما خلقه إلى ما قدّر له.

وأما قضاؤه ، فلمّا كانت الحوادث في وجودها وتحقّقها منتهية إليه سبحانه فما لم تتمّ لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها ، فإنّها تبقى على حال التردّد بين الوقوع واللاوقوع ، فإذا تمَّت عللها وعامّة شرائطها ولم يبق لها إلّا أن توجد ، كان ذلك من الله قضاءً وفصلاً لها من الجانب الآخر وقطعاً للإبهام.

وبذلك يظهر أنّ التقدير والقضاء العينيين من صفاته الفعلية سبحانه فإنّ مرجعهما إلى إفاضة الحدّ والضرورة على الموجودات ، وإليه يشير الإمام الصادق عليه‌السلام في قوله :

«القضاء والقدر خلقان من خلق الله ، والله يزيد في الخلق ما يشاء». (٢)

ومن هنا يكشف لنا الوجه في عناية النبيّ وأهل البيت عليهم‌السلام بالإيمان

__________________

(١) الأعلى : ٢ ـ ٣.

(٢) التوحيد للصدوق : الباب ٦٠ ، الحديث ١.

۵۲۸۱