﴿إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ. ويقابلها قوله تعالى : ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ.

فالفقرتان الأوليتان تصفان الناس يوم القيامة وأنّهم على طائفتين : طائفة مطيعة وهم ذات وجوه ناضرة ، وطائفة عاصية وهم ذات وجوه باسرة ، ثمّ ذكر لكلّ منهما وصفاً آخر ، فللأُولى أنّهم ناظرة إلى ربّها ، وللثانية أنّهم يظنّون أن يفعل بهم فاقرة ، أي يتوقّعون أن ينزل عليهم عذاب يكسر فقارهم ويقصم ظهورهم.

فالمقابلة بين الفقرة الثالثة والرابعة تشهد على المراد من الفقرة الثالثة الّتي مضادّة للرابعة. وبما انّ الفقرة الرابعة ظاهرة في أنّ المراد توقُّع العصاة العذاب الفاقر ، يكون المراد من الفقرة الثالثة توقع الرحمة والكرم من الله تعالى ، لا رؤيته تعالى.

٢. قوله تعالى حكاية عن موسى عليه‌السلام : ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ. (١)

وجه الاستدلال : أنّ الرؤية لو لم تكن جائزة لكان سؤال موسى جهلاً أو عبثاً. (٢)

والجواب عنه : أنّ التدبّر في مجموع ما ورد من الآيات في القصّة يدلّنا على أنّ موسى عليه‌السلام ما كان طلب الرؤية إلّا لتبكيت قومه عند ما طلبوا منه أن يسأل الرؤية لنفسه ، حتى تحلّ رؤيته لله مكان رؤيتهم ، وذلك بعد ما سألوه أن يريهم الله جهرة لكي يؤمنوا بأنّ الله كلّمه ، فأخذتهم الصاعقة ، فطلب

__________________

(١) الأعراف : ١٤٣.

(٢) تلخيص المحصل : ٣٢٠.

۵۲۸۱