وغير خفيّ أن التفويض بهذا المعنى شرك على وجه ، وباطل على وجه آخر. فلو قالوا بأن الله سبحانه فوض أمر الخلق والتدبير اليهم عليهم‌السلام واعتزل هو عن كل شيء ، فهذا هو الشرك والكفر ، يخالفه العقل والبرهان ، ويضادّه صريح الآيات. قال سبحانه ﴿ بديع السموات والأرض أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم * ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل الانعام : ١٠١ ـ ١٠٢.

وقال سبحانه : ﴿ إنَّ ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستّة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون يونس : ٣.

ولو زعموا أن النبي والأئمة من جملة الأسباب لخلق العالم وتدبيره ، وأن الفاعل الحقيقي والسبب الواقعي هو الله سبحانه ، وهو لم يعتزل بعد ، وإنما جعلهم في مرتبة الاسباب والعلل ، فهذا القول وإن كان لا يوجب الشرك ، لكنه غير صحيح ، فان النبي والأئمة عليهم‌السلام ليسوا من أسباب الخلقة ، بل هم يستفيدون من تلك الاسباب الطبيعية وتتوقف حياتهم على وجود العلل والأسباب المادية ، فكيف يكونون في مرتبة العلل والأسباب؟ فالنبي والإمام يستنشقان الهواء ، ويسدّان جوعهما بالطعام ، ويداويان بالادوية إلى غير ذلك من الاُمور التي يتصف بها كل الناس.

نعم إن للعالم الامكاني ظاهره وباطنه ، دنياه واُخراه مدبراً ومدبّرات يدبّرون الكون بأمره سبحانه كما ينبئ عنه قوله تعالى : ﴿ فالمدبّرات أمراً النازعات : ٥.

وقال سبحانه : ﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون التحريم : ٦.

۵۳۱۱