إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوَّت الطائفة بين ما يرويه محمَّد بن أبي عمير (١) وصفوان بن يحيى (٢) وأحمد بن محمد بن ابي نصر (٣) وغيرهم من الثّقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممَّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم » (٤).

قال المحدِّث النوري بعد نقل هذا الكلام : « إن المنصف المتأمل في هذا الكلام ، لا يرتاب في أن المراد من قوله « من الثِّقات الذين ... الخ » أصحاب الاجماع المعهودون ، إذ ليس في جميع ثقات الرواة جماعة معروفون بصفة خاصة مشتركون فيها ، ممتازون بها عن غيرهم ، غير هؤلاء ، فان صريح كلامه أن فيهم جماعة معروفين عند الاصحاب بهذه الفضيلة ، ولا تجد في كتب هذا الفنّ من طبقة الثقات عصابة مشتركين في فضيلة غير هؤلاء ، ومنه يظهر أن ما اشتهر من أن الشيخ ادّعى الاجماع على أن ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي خاصة لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة ، وشاع في الكتب حتى صار من مناقب الثلاثة وعُدّ من فضائلهم ، خطأ محض منشأه عدم المراجعة إلى « العدّة » الصريحة في أن هذا من فضائل جماعة ، وذكر الثلاثة من باب المثال ».

أقول : إن الاستدلال بعبارة « العدّة » على أن المراد من عبارة الكشّي هو توثيق رجال السند بعد اصحاب الاجماع غير تامّ. إذ الظاهر أن مراد الشيخ من

__________________

١ ـ محمد بن ابي عمير زياد بن عيسى ابو أحمد الازدي ، بغدادي الاصل والمقام ، لقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وسمع منه احاديث ، وروى عن الرضا عليه‌السلام توفّي عام ٢١٧ هـ.

٢ ـ صفوان بن يحيى ، كوفي ثقة ثقة عين روى عن الرضا عليه‌السلام وقد توكل للرضا وابي جعفر عليهما‌السلام ، مات سنة ٢١٠ هـ.

٣ ـ أحمد بن محمد بن عمرو بن ابي نصر لقي الرضا وابا جعفر عليهما‌السلام ، مات سنة ٢٢١ هـ.

٤ ـ العدة ، الطبعة الحديثة : ٣٨٦.

۵۳۱۱