صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد سئل عن الشهادة ، قال : « هل ترى الشَّمس؟ على مثلها فاشهد أو دع » (١).

هذا إذا قلنا بأن العمل بقول الرجالي من باب الشهادة ، وأما إذا قلنا بأن الرجوع اليهم من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، فاجمال الكلام فيه أنه لا يشترط في الاعتماد على قول أهل الخبرة أن يكون نظره مستنداً إلى الحسّ ، فان قول المقوّم حجّة في الخسارات وغيرها ، ولا شكَّ أن التقويم لا يمكن ان يكون مستنداً إلى الحسّ في عامة الموارد. وعلى ذلك فلو كان الرجوع إلى علماء الرجال من ذاك الباب ، فالرجوع إلى أعلام المتأخرين المتخصّصين في تمييز الثّقة عن غيره بالطرق والقرائن المفيدة للاطمئنان ممّا لا بأس به.

وما يقال من أن الفقيه غير معذور في التقليد ، فيجب على الفقيه أن يكون بنفسه ذا خبرة في التعرف على أحوال الرواة ، غير تام لان تحصيل الخبروية في كل ما يرجع إلى الاستنباط أمر عسير ، لو لم يكن بمستحيل ، فان مقدمات الاستنباط كثيرة ، وقد أنهاها بعضهم إلى أربعة عشر فناً ، ولا يمكن للمجتهد في هذه الايام أن يكون متخصصاً في كل واحد من هذه الفنون ، بل يجوز أن يرجع في بعض المقدمات البعيدة أو القريبة إلى المتخصصين الموثوق بهم في ذاك الفن ، وقد جرت على ذلك سيرة الفقهاء ، بالأخص في ما يرجع إلى الأدب العربي ولغات القرآن والسنة وغير ذلك ، وليكن منها تمييز الثقة عن غيره. هذا على القول بأنّ الرجوع إلى أهل الرجال من باب الرجوع إلى أهل الخبرة الموثوق بقولهم.

وهناك وجه ثالث في توثيقات المتأخّرين ، وهو أنّ الحجّة هو الخبر الموثوق بصدوره عن المعصوم عليه‌السلام لا خصوص خبر الثقة ، وبينهما فرق واضح ، إذ لو قلنا بأنّ الحجّة قول الثقة يكون المناط وثاقة الرّجل وإن لم يكن نفس الخبر موثوقاً بالصّدور.

__________________

١ ـ المصدر السابق.

۵۳۱۱