والإمام البروجردي اكتفى من ذلك بجمع اسانيد كل راو إلى الامام فقط ، ورتَّبها في فهارس كاملة. هذا ما ابتكره الإمام ولم يسبقه فيه غيره. نعم ، استخبار طبقة الرواة وشيوخهم وتلاميذهم من سند الاحاديث لم يتغافل عنه السّابقون ، كيف وإنهم يستدلون بذلك في كتبهم ، وقد اكثر الشيخ محمد الاردبيلي في كتابه « جامع الرواة » منه. فإنه يلتقط في ترجمة الرجال ، جملة من الاسانيد من الكتب الاربعة وغيرها ، ويستدلّ بها على شيوخ الراوي وتلاميذهم وطبقته من دون استقصاء.

نعم ، إنّ البروجردي ليس أول من تفطن والتفت إلى مدى تأثير الاسانيد في معرفة الرواة وطبقاتهم ، وإنما الاستاذ أول من رتَّب الاسانيد واستقصاها في فهارس جامعة ، وبذلك وضع أمام المحقّقين ذريعة محكمة للاستشراف على شتّى الاسانيد للرواة والانتفاع بها.

إنّ الاُستاذ لما أحسَّ بضرورة استقصاء الاسانيد التي وقع فيها اسم الراوي ، وكانت الاسانيد مبعثرة مع أحاديثها في ثنايا الكتب ، بحيث يصعب او يستحيل الاحاطة بها عادة ، تفطَّن بأنه يجب أن يلتقطها من مواضعها فيرتّبها في قوائم وفهارس.

وابتدأ عمله هذا بأسانيد الكتب الاربعة وسمّاها « مرتَّب أسانيد الكافي » ، ثم « مرتَّب أسانيد التهذيب » وهكذا. ثمَّ انصرف إلى الكتب الاربعة الرجالية وكثير من غيرها من كتب الحديث مراعياً ترتيب الحروف.

وها نحن نعرض نموذجاً من عمل الإمام الأكبر حتى يعرف منه ما تحمله من المشاق في سدّ هذا الفراغ.

ومن لاحظ هذا الاُنموذج ، يعرف مدى ما لهذه الفهارس من الأثر في علم الرجال كما يقف على اُسلوبها ، ولتوضيح حال هذا الانموذج نقول :

إن الشيخ الطوسي مؤلف « التهذيب والاستبصار » أخذ جميع ما يرويه في

۵۳۱۱