أوصَل كلامه الثاني بكلامه الأوّل فقال : «الربا في التعامل مع أيّ شخصٍ حرام ، ولا بأس به بين الوالد وولده» لأبطل الخاصّ مفعول العامِّ وظهوره في العموم.

وقد عرفنا سابقاً (١) أنّ القرينة تُقدَّم على ذي القرينة ، سواء كانت متّصلةً أو منفصلة.

ويسمّى تقديم الخاصِّ على العامّ «تخصيصاً» للعامّ إذا كان عمومه ثابتاً بأداةٍ من أدوات العموم ، و «تقييداً» له إذا كان عمومه ثابتاً بالإطلاق وعدم ذكر القيد.

ويسمّى الخاصّ في الحالة الاولى «مخصِّصاً» وفي الحالة الثانية «مقيِّداً».

وعلى هذا الأساس يتَّبع الفقيه في الاستنباط قاعدةً عامة ، وهي : الأخذ بالمخصِّص والمقيِّد وتقديمهما على العامّ والمطلق. إلاّأنّ العام والمطلق يظلّ حجّةً في غير ما خرج بالتخصيص والتقييد ، إذ لا يجوز رفع اليد عن الحجّة إلاّبمقدار ما تقوم الحجّة الأقوى على الخلاف ، لا أكثر.

٤ ـ وقد يكون أحد الكلامين دالاّ على ثبوت حكمٍ لموضوع ، والكلام الآخر ينفي ذلك في حالةٍ معيّنةٍ بنفي ذلك الموضوع.

ومثاله : أن يقال في كلامٍ : «يجب الحجّ على المستطيع» ، ويقال في كلامٍ آخر : «المَدِين ليس مستطيعاً» ، فالكلام الأوّل يوجب الحجّ على موضوعٍ محدّدٍ وهو المستطيع ، والكلام الثاني ينفي صفة المستطيع عن المَدِين ، فيؤخذ بالثاني ويسمّى «حاكماً» ، ويسمّى الدليل الأوّل «محكوماً».

وتسمّى القواعد التي اقتضت تقديم أحد الدليلين على الآخر في هذه الفقرة والفقرتين السابقتين ب «قواعد الجمع العرفي».

٥ ـ إذا لم يوجد في النصّين المتعارضين كلام صريح قطعي ، ولا ما يصلح أن

__________________

(١) في بحث حجّية الظهور ، تحت عنوان : القرينة المتّصلة والمنفصلة

۱۶۵۱۱