لم يسمع ، فهنا مقامان :

أمّا المقام الأوّل : فلا إشكال كما لا خلاف من أحد في مرجوحيّة القراءة حينئذ ، ولعلّ المشهور أو الأشهر جوازها مع الكراهة. وذهب جمع من الأصحاب من القدماء والمتأخّرين إلى الحرمة.

والكلام يقع أوّلاً في المقتضي للمنع ، وأُخرى في المانع عنه المعارض له.

أمّا المقتضي : فقد وردت روايات كثيرة معتبرة تضمّنت النهي عن القراءة إمّا عموماً كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدّمة ، قالا «قال أبو جعفر عليه‌السلام : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : من قرأ خلف إمام يأتمّ به فمات بعث على غير الفطرة» (١).

أو في خصوص الجهرية كصحيحة زرارة : «إن كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأوّلتين ، وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّ وجل يقول للمؤمنين ﴿وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ يعني في الفريضة خلف الإمام ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فالأخيرتان تبع للأوّلتين» (٢).

وصحيحة قتيبة : «إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك ، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ» (٣).

وصحيحة علي بن جعفر : «عن الرجل يكون خلف الإمام يجهر بالقراءة وهو يقتدي به ، هل له أن يقرأ من خلفه؟ قال : لا ، ولكن لينصت للقرآن» (٤). ونحوها غيرها وهي كثيرة كما لا يخفى على من لاحظها.

وأمّا المانع : فقد استدلّ بأُمور تمنع من الأخذ بظواهر النصوص المتقدّمة وتصلح قرينة لصرف النهي الوارد فيها إلى الكراهة.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٣٥٦ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٤.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٥٥ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٣.

(٣) الوسائل ٨ : ٣٥٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٧.

(٤) الوسائل ٨ : ٣٥٩ / أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ١٦.

۴۳۵۱