أما الصحيحة الأُولى : فالظاهر أنها ناظرة إلى الفريضة خاصة وبصدد التفرقة في صلاة الظهر بين يوم الجمعة وغيره ، وأنها تؤخر عن نصف النهار وأول الزوال في غير يوم الجمعة رعاية للنافلة ، كما تنبئ عنه نصوص القدم والقدمين والذراع والذراعين ، معللاً بأنها إنما جعلت للنافلة ، وأما في يوم الجمعة فبما أنّ النافلة تقدّم على الزوال فلا مانع من تقديم الفريضة والإتيان بها أول دلوك الشمس.

ويعضده ما في جملة من النصوص (١) من أن الفريضة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس. إذن فهذه الصحيحة أجنبية عن محل الكلام بالمرّة.

ويؤيد ما ذكرناه : ما رواه الشيخ بإسناده عن أبي بصير قال : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن فاتك شي‌ء من تطوع الليل والنهار فاقضه عند زوال الشمس وبعد الظهر عند العصر وبعد المغرب وبعد العتمة ومن آخر السحر » (٢).

فإنها كما ترى صريحة في جواز قضاء النافلة عند الزوال ، فتكون خير شاهد على ما استظهرناه من صحيحة ابن سنان من كونها ناظرة إلى الفريضة خاصة ، إلا أن يقال إن الجواز المستفاد من هذه الرواية لا ينافي الكراهة المدعى استفادتها من الصحيحة ، ومن هنا ذكرناها بعنوان التأييد.

وكيف ما كان ، فالرواية المزبورة معتبرة ، إذ المراد بالحسن الواقع في السند إما أنه الحسن بن سعيد الأهوازي المذكور في الوسائل قبيل هذه الرواية ، وهو أخو الحسين بن سعيد ، أو أنه الحسن بن فضال ، وهو موثق على التقديرين.

وأما الصحيحة الثانية : فيمكن النقاش فيها من وجوه :

أوّلاً : أنها في نفسها غير قابلة للتصديق ، لما فيها من التعليل بأن الشمس تطلع وتغرب بين قرني الشيطان ، فان هذا مما لا تساعده الأذهان ولا يصدّقه الوجدان ولا البرهان ، فلا سبيل إلى الإذعان به ، ضرورة أنه إنما يكون معقولاً‌

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٣١٧ / أبواب صلاة الجمعة ب ٨ ح ٧ ، ١٤ ، ١٥.

(٢) الوسائل ٤ : ٢٧٧ / أبواب المواقيت ب ٥٧ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ١٦٣ / ٦٤٢.

۴۹۵۱