معارضة : بأنّا لا نجد من أنفسنا القطع بعدم تحقّق الامتثال بسلوك الطريق الممنوع ، فلو كان الظنّ المانع داخلا لحصل القطع بذلك.
وحلّ ذلك : أنّ الظنّ بعدم اعتبار الممنوع إنّما هو مع قطع النظر عن ملاحظة دليل الانسداد ، ولا نسلّم بقاء الظنّ بعد ملاحظته.
ثمّ إنّ الدليل العقليّ أو الأمارة القطعيّة (١) يفيد القطع بثبوت الحكم بالنسبة إلى جميع أفراد موضوعه ، فإذا تنافى دخول فردين : فإمّا أن يكشف عن فساد ذلك الدليل ، وإمّا أن يجب طرحهما ـ لعدم حصول القطع من ذلك الدليل العقليّ بشيء منهما ـ ، وإمّا أن يحصل القطع بدخول أحدهما فيقطع بخروج الآخر ، فلا معنى للتردّد بينهما وحكومة أحدهما على الآخر.
فما مثّلنا به المقام : من استصحاب طهارة الماء واستصحاب نجاسة الثوب ، ممّا لا وجه له ؛ لأنّ مرجع تقديم الاستصحاب الأوّل إلى تقديم التخصّص على التخصيص ، ويكون أحدهما دليلا رافعا لليقين السابق بخلاف الآخر ، فالعمل بالأوّل تخصّص وبالثاني تخصيص ، ومرجعه ـ كما تقرّر في مسألة تعارض الاستصحابين (٢) ـ إلى وجوب العمل بالعامّ تعبّدا إلى أن يحصل الدليل على التخصيص.
إلاّ أن يقال : إنّ القطع بحجّيّة المانع عين القطع بعدم حجّيّة الممنوع ؛ لأنّ معنى حجّيّة كلّ شيء وجوب الأخذ بمؤدّاه ، لكنّ القطع بحجّيّة الممنوع ـ التي هي نقيض مؤدّى المانع ـ مستلزم للقطع بعدم حجّيّة
__________________
(١) في (ص) : «والأمارة القطعيّة» ، وفي (ظ) و (م) : «أو الأمارة العقليّة» ، وفي (ل) و (ه) : «أو الأمارات العقليّة».
(٢) انظر مبحث الاستصحاب ٣ : ٣٩٥ ـ ٣٩٦.