للمخالفة القطعيّة الكثيرة ، المعبّر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين (١) ، بمعنى أنّ المقتصر على التديّن بالمعلومات التارك للأحكام المجهولة جاعلا لها كالمعدومة ، يكاد يعدّ خارجا عن الدين ؛ لقلّة المعلومات التي أخذ بها وكثرة المجهولات التي أعرض عنها ؛ وهذا أمر يقطع ببطلانه كلّ أحد بعد الالتفات إلى كثرة المجهولات ، كما يقطع ببطلان الرجوع إلى نفي الحكم وعدم الالتزام بحكم أصلا (٢) لو فرض ـ والعياذ بالله ـ انسداد باب العلم والظنّ الخاصّ في جميع الأحكام ، وانطماس هذا المقدار القليل من الأحكام المعلومة.

فيكشف بطلان الرجوع إلى البراءة عن وجوب التعرّض لامتثال تلك المجهولات ولو على غير وجه العلم والظنّ الخاصّ ، لا أن يكون تعذّر العلم والظنّ الخاصّ منشأ للحكم بارتفاع التكليف بالمجهولات ، كما توهّمه بعض من تصدّى للإيراد على كلّ واحدة واحدة من مقدّمات الانسداد (٣).

نعم ، هذا إنّما يستقيم في حكم واحد أو أحكام قليلة لم يوجد عليه دليل علميّ أو ظنّيّ معتبر ، كما هو دأب المجتهدين بعد تحصيل الأدلّة والأمارات في أغلب الأحكام ، أمّا إذا صار معظم الفقه أو كلّه مجهولا فلا يجوز أن يسلك فيه هذا المنهج.

__________________

(١) انظر هداية المسترشدين : ٤٠٢ ، ومفاتيح الاصول : ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ، وضوابط الاصول : ٢٥٢.

(٢) لم ترد «أصلا» في (ظ) و (م).

(٣) هو الفاضل النراقي في عوائد الأيّام : ٣٦٠ ، ومناهج الأحكام : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

۶۴۸۱