درس دروس في علم الاصول - الحلقة الاولی

جلسه ۲: تمهید ۲

 
۱

مطلب اول: عنصر خاص و عنصر مشترک در استنباط احکام

۲

مطلب دوم: تعریف عناصر مشترک

قواعد عامی هستند که صلاحیت دارند در هر مسئله‌ای در هر بابی دخالت کنند

۳

مطلب سوم: در علم اصول عناصر مشترک و در فقه عناصر خاص بررسی می‌شود

۴

تطبیق مطالب

۵

مطلب چهارم: موضوع علم اصول

۶

مطلب پنجم: تشبیه علم اصول به علم منطق

۷

مطلب ششم: تشبیه عناصر خاص به ادوات نجاری

۸

تطبیق مطلب چهارم

۹

تطبیق مطلب پنجم

۱۰

تطبیق مطلب ششم

۱۱

خلاصه مطالب

ويجيب الفقيه على السؤال الثالث بالإيجاب ؛ بدليل رواية زرارة ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «القهقهة لا تنقض الوضوء ، وتنقض الصلاة» (١).

والعرف العامّ يفهم من النقض أنّ الصلاة تبطل بها ، وزرارة ثقة ، وخبر الثقة حجّة ، فالصلاة مع القهقهة باطلة إذن.

وبملاحظة هذه المواقف الفقهية الثلاثة نجد أنّ الأحكام التي استنبطها الفقيه كانت من أبوابٍ شتّى من الفقه ، وأنّ الأدلّة التي استند اليها الفقيه مختلفة. فبالنسبة إلى الحكم الأوّل استند إلى رواية يعقوب بن شعيب ، وبالنسبة إلى الحكم الثاني استند إلى رواية عليّ بن مهزيار ، وبالنسبة إلى الحكم الثالث استند إلى رواية زرارة. ولكلٍّ من الروايات الثلاث متنها وتركيبها اللفظيّ الخاصّ الذي يجب أن يدرس بدقّةٍ ويحدَّد معناه.

ولكن توجد في مقابل هذا التنوّع وهذه الاختلافات بين المواقف الثلاثة عناصر مشتركة أدخلها الفقيه في عملية الاستنباط في المواقف الثلاثة جميعاً. فمن تلك العناصر المشتركة : الرجوع إلى العرف العامّ في فهم الكلام الصادر عن المعصوم ، وهو ما يعبّر عنه بحجّية الظهور العرفي.

فحجّية الظهور إذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث. وكذلك يوجد عنصر مشترك آخر ، وهو حجّية خبر الثقة.

وهكذا نستنتج أنّ عمليات الاستنباط تشتمل على عناصر مشتركة ، كما تشتمل على عناصر خاصّة.

ونعني بالعناصر الخاصّة : تلك العناصر التي تتغيّر من مسألةٍ إلى اخرى ، فرواية يعقوب بن شعيب عنصر خاصّ في عملية استنباط حرمة الارتماس ؛ لأنّها لم

__________________

(١) وسائل الشيعة ٧ : ٢٥٠ ، الباب ٧ من أبواب قواطع الصلاة ، الحديث الأول

تدخل في عمليات الاستنباطالاخرى ، بل دخلت بدلاً عنها عناصر خاصّة اخرى ، كرواية علي بن مهزيار ورواية زرارة.

ونعني بالعناصر المشتركة : القواعد العامّة التي تدخل في عمليات استنباط أحكامٍ عديدةٍ في أبوابٍ مختلفة.

وفي علم الاصول تدرس العناصر المشتركة ، وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصّة في كلّ مسألة.

وهكذا يترك للفقيه في كلّ مسألةٍ أن يفحص بدقّةٍ الروايات والمدارك الخاصّة التي ترتبط بتلك المسألة ، ويدرس قيمة تلك الروايات ويحاول فهم ألفاظها وظهورها العرفي وأسانيدها ، بينما يتناول الاصوليّ البحث عن حجّية الظهور وحجّية الخبر ، وهكذا.

وعلم الاصول لا يحدّد العناصر المشتركة فحسب ، بل يحدّد أيضاً درجات استعمالها والعلاقة بينها ، كما سنرى في البحوث المقبلة إن شاء الله تعالى.

موضوع علم الاصول :

لكلّ علمٍ ـ عادةً ـ موضوع أساسيّ ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله ، وتستهدف الكشف عمّا يرتبط بذلك الموضوع من خصائص وحالاتٍ وقوانين ، فالفيزياءُ ـ مثلاً ـ موضوعها الطبيعة ، وبحوث الفيزياء ترتبط كلّها بالطبيعة وتحاول الكشف عن حالاتها وقوانينها العامّة. والنحو موضوعه الكلمة ؛ لأنّه يبحث عن حالات إعرابها وبنائها ورفعها ونصبها. فما هو موضوع علم الاصول الذي تدور حوله بحوثه؟

ونحن إذا لاحظنا التعريف الذي قدّمناه لعلم الاصول استطعنا أن نعرف أنّ علم الاصول يدرس في الحقيقة الأدلّة المشتركة في علم الفقه لإثبات دليليتها ، وبهذا

صحّ القول بأنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة المشتركة في عملية الاستنباط.

علم الاصول منطق الفقه :

ولا بدّ أنّ معلوماتكم عن علم المنطق تسمح لنا أن نستخدمه كمثالٍ لعلم الاصول ، فإنّ علم المنطق ـ كما تعلمون ـ يدرس في الحقيقة عملية التفكير مهما كان مجالها وحقلها العلمي ، ويحدّد النظام العامّ الذي يجب أن تتّبعه لكي يكون التفكير سليماً ، مثلاً : يعلّمنا علم المنطق كيف يجب أن ننهج في الاستدلال بوصفه عملية تفكيرٍ لكي يكون الاستدلال صحيحاً ، كيف نستدلّ على أنّ سقراط فانٍ ، وكيف نستدلّ على أنّ نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ، وكيف نستدلّ على أنّ مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين ، وكيف نستدلّ على أنّ الخطّ الممتدّ بدون نهاية مستحيل ، كلّ هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامّة للاستدلال ، كالقياس والاستقراء ، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقاً.

وعلم الاصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية ، غير أنّه يبحث عن نوعٍ خاصٍّ من عملية التفكير ، أي عن عملية التفكير الفقهيِّ في استنباط الأحكام ، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليماً ، فهو يعلِّمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ، وكيف نستنبط اعتصام ماء الكرّ ، وكيف نستنبط الحكم باستحباب صلاة العيد أو وجوبها ، وذلك بوضع المناهج العامّة ، وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط.

وعلى هذا الأساس يصحّ أن يطلق على علم الاصول اسم منطق علم الفقه ؛ لأنّه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشريِّ بصورةٍ عامّة.

أهمّية علم الاصول في عملية الاستنباط :

ولسنا بعد ذلك بحاجةٍ إلى التأكيد على أهمّية علم الاصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط ؛ لأنّه ما دام يقدِّم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ، ويضع لها نظامها العامّ ، فهو عصب الحياة فيها ، وبدون علم الاصول يواجه الشخص في الفقه رُكاماً متناثراً من النصوص والأدلّة دون أن يستطيع استخدامها والاستفادة منها في الاستنباط ، كإنسانٍ يواجه أدوات النِجارة ويعطى منشاراً وفأساً وما إليهما من أدواتٍ دون أن يملك أفكاراً عامّةً عن عملية النجارة وطريقة استخدام تلك الأدوات.

وكما أنّ العناصر المشتركة ضروريّة لعمليّة الاستنباط فكذلك العناصر الخاصّة التي تختلف من مسألة إلى اخرى ، كمفردات الآيات والروايات المتناثرة فإنّها الجزء الضروريّ الآخر فيها ، فلا يكفي مجرّد الاطّلاع على العناصر المشتركة التي يمثّلها علم الاصول ، ومَن يحاول الاستنباط على أساس الاطّلاع الاصولي فحسب نظير من يملك معلوماتٍ نظريّةً عامّةً عن عملية النجارة ولا يوجد لديه فأس ولا منشار وما اليهما من أدوات النجارة ، فكما يعجز هذا عن صنع سريرٍ خشبيٍّ ـ مثلاً ـ كذلك يعجز الاصوليّ عن الاستنباط إذا لم يفحص بدقّةٍ العناصر الخاصّة المتغيِّرة من مسألة إلى اخرى.

فالعناصر المشتركة والعناصر الخاصّة قطبان مندمجان في عملية الاستنباط ، ولا غنى للعملية عنهما معاً.