درس فرائد الاصول - قطع و ظن

جلسه ۱۵: تجری ۸

 
۱

کیفیت صوت پایین است

بكونه قتل مؤمن ؛ ولذا اعترف في كلامه بأنّه لو قتله كان معذورا ، فإذا لم يكن هذا الفعل الذي تحقّق التجرّي في ضمنه ممّا يتّصف بحسن أو قبح ، لم يؤثّر في اقتضاء ما يقتضي القبح ، كما لا يؤثّر في اقتضاء ما يقتضي الحسن لو فرض أمره بقتل كافر فقتل مؤمنا معتقدا كفره ؛ فإنّه لا إشكال في مدحه من حيث الانقياد وعدم مزاحمة حسنه بكونه في الواقع قتل مؤمن.

ودعوى : أنّ الفعل الذي يتحقّق به التجرّي وإن لم يتّصف في نفسه بحسن ولا قبح ـ لكونه مجهول العنوان ـ لكنّه لا يمتنع أن يؤثّر في قبح ما يقتضي القبح بأن يرفعه ، إلاّ أن نقول بعدم مدخليّة الامور الخارجة عن القدرة في استحقاق المدح والذمّ ، وهو محلّ نظر ، بل منع. وعليه يمكن ابتناء منع الدليل العقلي السابق (١) في قبح التجرّي.

مدفوعة ـ مضافا إلى الفرق بين ما نحن فيه وبين ما تقدّم من الدليل العقلي ، كما لا يخفى على المتأمّل ـ : بأنّ العقل مستقلّ بقبح التجرّي في المثال المذكور ، ومجرّد تحقّق ترك قتل المؤمن في ضمنه ـ مع الاعتراف بأنّ ترك القتل لا يتّصف بحسن ولا قبح ـ لا يرفع قبحه ؛ ولذا يحكم العقل بقبح الكذب وضرب اليتيم إذا انضمّ إليهما ما يصرفهما إلى المصلحة إذا جهل الفاعل بذلك.

ثمّ إنّه ذكر هذا القائل في بعض كلماته : أنّ التجرّي إذا صادف المعصية الواقعيّة تداخل عقابهما (٢).

__________________

(١) راجع الصفحة ٣٨ ـ ٣٩.

(٢) الفصول : ٨٧.

ولم يعلم معنى محصّل لهذا الكلام ؛ إذ مع كون التجرّي عنوانا مستقلا في استحقاق العقاب لا وجه للتداخل إن اريد به وحدة العقاب ؛ فإنّه ترجيح بلا مرجّح (١) ، وإن اريد به عقاب زائد على عقاب محض التجرّي ، فهذا ليس تداخلا ؛ لأنّ كلّ فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد عقابه على ما كان فيه أحدهما.

عدم الإشكال في القبح الفاعلي

والتحقيق : أنّه لا فرق في قبح التجرّي بين موارده ، وأنّ المتجرّي لا إشكال في استحقاقه الذمّ من جهة انكشاف خبث باطنه وسوء سريرته بذلك (٢). وأمّا استحقاقه للذمّ من حيث الفعل المتجرّى في ضمنه ، ففيه إشكال ، كما اعترف به الشهيد قدس‌سره فيما يأتي (٣) من كلامه (٤).

الإشكال في القبح الفعلي

__________________

(١) في (ر) و (ص) زيادة العبارة التالية : «وسيجيء في الرواية أنّ على الراضي إثما ، وعلى الداخل إثمين» ، انظر الصفحة ٤٧.

(٢) لم ترد «بذلك» في (ت) ، (ر) و (ص) ، وفي (ر) و (ص) زيادة : «وجرأته».

(٣) في الصفحة ٤٩ ـ ٥٠.

(٤) وردت ـ هنا ـ زيادة في (ت) ، (ه) وهامش (ص) ـ مع اختلاف يسير ـ ، وكتب بعدها في (ص) : «منه قدس‌سره» ، والزيادة هكذا : «بل يظهر منه قدس‌سره : أنّ الكلام في تأثير نيّة المعصية إذا تلبّس بما يراه معصية ، لا في تأثير الفعل المتلبّس به إذا صدر عن قصد المعصية ، فتأمّل. نعم ، يظهر من بعض الروايات حرمة الفعل المتجرّى به ؛ لمجرّد الاعتقاد ، مثل موثّقة سماعة : في رجلين قاما إلى الفجر ، فقال أحدهما : هو ذا ، وقال الآخر : ما أرى شيئا ، قال عليه‌السلام : فليأكل الذي لم يبن له ، وحرّم على الذي زعم أنّه طلع الفجر ؛ إنّ الله تعالى قال : ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ.

دلالة الأخبار الكثيرة على العفو عن التجرّي بمجرّد القصد إلى المعصية

نعم ، لو كان (١) التجرّي على المعصية بالقصد (٢) إلى المعصية فالمصرّح به في الأخبار الكثيرة العفو عنه (٣) ، وإن كان يظهر من أخبار أخر العقاب على القصد أيضا (٤) ، مثل :

قوله صلوات الله عليه : «نيّة الكافر شرّ من عمله» (٥).

وقوله : «إنّما يحشر الناس على نيّاتهم» (٦).

دلالة بعض الأخبار على العقاب في القصد

وما ورد من تعليل خلود أهل النار في النار ، وخلود أهل الجنّة في الجنّة ؛ بعزم كلّ من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة لو خلّدوا في الدنيا (٧).

وما ورد من أنّه : «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ، قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل ، فما بال المقتول؟! قال : لأنّه أراد قتل صاحبه» (٨).

__________________

(١) في (ت) ، (ص) و (ه) بدل «نعم لو كان» : «وأمّا».

(٢) في (ص) و (ه) بدل «بالقصد» : «بسبب القصد».

(٣) انظر الوسائل ١ : ٣٦ ـ ٤٠ ، الباب ٦ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ٦ ، ٧ ، ٨ ، ١٠ ، ٢٠ و ٢١.

(٤) لم ترد «أيضا» في (ظ) و (م).

(٥) الوسائل ١ : ٣٥ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمات العبادات ، الحديث ٣.

(٦) الوسائل ١ : ٣٤ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمات العبادات ، الحديث ٥ ، إلاّ أنّ فيه : «إنّ الله يحشر ...».

(٧) الوسائل ١ : ٣٦ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمات العبادات ، الحديث ٤.

(٨) الوسائل ١١ : ١١٣ ، الباب ٦٧ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ١ ، إلاّ فيه بعد قوله «بسيفهما» : «على غير سنّة».