السابقة (١) ، فإنّ هذا بحث في التطبيق يستدعي النظر العلميّ في حقيقة الطلب الغيريّ والطلب التخييري ، وإثبات أنّهما من الطلب المقيّد.

الحالة الثانية : أن يكون المعنى متبادراً ومفروغاً عن فهمه من اللفظ ، وإنّما يقع البحث العلميّ في تفسير هذه الدلالة ؛ وهل هي تنشأ من الوضع ، أو من قرينة الحكمة ، أو من منشأٍ ثالث؟

ومثال ذلك : أنّه لا إشكال في تبادر المطلق من اسم الجنس مع عدم ذكر القيد ، ولكن يبحث في علم الاصول أنّ هذا هل هو من أجل وضع اللفظ للمطلق ، أو من أجل دالٍّ آخر كقرينة الحكمة؟ وهذا بحث لا يكفي فيه مجرّد الإحساس بالتبادر الساذج ، بل لابدّ من جمع ظواهر عديدةٍ ليستكشف من خلالها ملاك الدلالة.

الحالة الثالثة : أن يكون المعنى متبادراً ، ولكن يواجه ذلك شبهة تُعيق الاصوليّ عن الأخذ بتبادره ما لم يجد حلاًّ فنّياً لتلك الشبهة.

ومثال ذلك : أنّ الجملة الشرطية تدلّ بالتبادر العرفيّ على المفهوم ، ولكن في مقابل ذلك نحسّ أيضاً بأنّ الشرط فيها إذا لم يكن علّةً وحيدةً ومنحصرةً للجزاء لا يكون استعمال أداة الشرط مجازاً ، كاستعمال لفظ (الأسد) في الرجل الشجاع ، ومن هنا يتحيّر الإنسان في كيفية التوفيق بين هذين الوجدانين ، ويؤدّي ذلك إلى الشكّ في الدلالة على المفهوم ما لم يتوصّل إلى تفسيرٍ يوفِّق فيه بين الوجدانين.

وهناك أيضاً بعض الحالات الاخرى التي يجدي فيها البحث التحقيقي.

وعلى هذا الأساس وبما ذكرنا من المنهجة والاسلوب يتناول علم الاصول دراسة الدلالات المشتركة الآتية ، ويبحثها لغوياً أو تحليلياً.

__________________

(١) في بحث الإطلاق ، تحت عنوان : بعض التطبيقات لقرينة الحكمة.

۶۰۸۱