لو كان فاسقاً فهذا ما نحرز وجود دلالةٍ أقوى على خلافه ، وهي دلالة القرينة. وإن أردنا أن نثبت الوجوب الفعلي للإكرام لأجل تحقّق كلّ ما له دخل في الوجوب بما في ذلك عدم الفسق فهذا متعذّر ؛ لأنّ الدليل مفاده الجعل ، لا فعلية المجعول.

وهذا هو الصحيح.

القسم الثاني : أن يكون الشكّ في الشمول ناشئاً من شبهةٍ مفهوميةٍ في العنوان المأخوذ في دليل القرينة ، كما إذا تردّد عنوان الفاسق مفهوماً في المثال السابق بين مطلق المذنب ومرتكب الكبيرة خاصّةً ، فيشكّ حينئذٍ في شمول دليل القرينة لمرتكب الصغيرة ، وفي مثل ذلك يصحّ التمسّك بالعام لإثبات وجوب إكرام مرتكب الصغيرة ؛ لأنّ دلالة العام على حكمه معلومة ، ووجود دلالةٍ في المخصّص على خلاف ذلك غير محرز.

فإن قيل : ألا يأتي هنا نفس ما ذكر في الإجابة الثانية في القسم الأول لإبطال التمسّك بالعام؟!

كان الجواب : أنّ ذلك لا يأتي ، ويتّضح ذلك بعد بيان مقدمة ، وهي : أنّ المخصِّص القائل : «لا تكرم فسّاق الفقراء» يكشف عن دخالة قيدٍ في موضوع وجوب الإكرام زائدٍ على الفقر ، غير أنّ هذا القيد ليس هو أن لا يسمّى الفقير فاسقاً ، فإنّ التسمية بما هي ليس لها أثر إثباتاً ونفياً ، ولهذا لو تغيّرت اللغة ودلالاتها لمَا تغيّرت الأحكام ، بل القيد هو : أن لا تتواجد فيه الصفة الواقعية للفاسق ، سواء سمّيناه فاسقاً ، أوْ لا ، وتلك الصفة الواقعيّة مردّدة ـ بحسب الفرض ـ بين ارتكاب الذنب أو ارتكاب الكبائر خاصّة ، وحيث إنّ ارتكاب الكبائر هو المتيقّن فنحن نقطع بأنّ عدم ارتكابها قيد دخيل في موضوع الحكم بالوجوب.

وأمّا عدم ارتكاب الصغيرة فنشكّ في كونه قيداً فيه.

وهكذا نعرف أنّ هناك ثلاثة عناوين : أحدها نقطع بعدم كونه قيداً في

۶۰۸۱