الثاني : أن يسلّم بالإطلاق اللفظي في نفسه ولكن يدّعى وجود قرينةٍ متّصلةٍ على تقييده ، وهي كلمة «النقض» حيث إنّها لا تصدق في موارد الشكّ في المقتضي. وقد تقدم تحقيق الكلام في ذلك في الحلقة السابقة (١) واتّضح أنّ كلمة «النقض» لا تصلح للتقييد.

[التفصيل بين الشبهة الحكميّة والموضوعيّة :]

والقول الآخر : ما ذهب اليه السيّد الاستاذ (٢) من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية واختصاصه بالشبهات الموضوعية ، وذلك ـ بعد الاعتراف بإطلاق دليل الاستصحاب في نفسه لكلا القسمين من الشبهات ـ بدعوى أنّ عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية ينشأ من التعارض بين استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل.

وتوضيح ذلك : أنّ الحكم الشرعي ـ كما تقدّم في محلّه (٣) ـ ينحلّ إلى جعلٍ ومجعول ، والشكّ فيه تارةً يكون مصبّه الجعل ، واخرى يكون مصبّه المجعول.

فالنحو الأول من الشكّ يعني أنّ الجعل قد تعلّق بحكمٍ محدّدٍ واضحٍ بكلّ ما لَه دخل فيه من الخصوصيات ، غير أنّ المكلف يشكّ في بقاء نفس الجعل ويحتمل أنّ المولى ألغاه ورفع يده عنه ، وهذا هو النسخ بالمعنى الحقيقي في عالم الجعل.

__________________

(١) في بحث الاستصحاب ، تحت عنوان : عموم جريان الاستصحاب.

(٢) مصباح الاصول ٣ : ٣٦.

(٣) بحث الدليل العقلي من الحلقة الثانية ، تحت عنوان : قاعدة إمكان التكليف المشروط.

۶۰۸۱