الاقتضائية تستدعي الترخيص في مخالفة ما يقطع به من تكاليف ضماناً للحفاظ على تلك الملاكات ، فلماذا لا يمكن صدور الترخيص حينئذٍ؟

والجواب على هذه المناقشة : أنّ هذا الترخيص لمَّا كان من أجل رعاية الإباحة الواقعية في موارد خطأ القاطعين فكلّ قاطعٍ يعتبر نفسه غير مقصودٍ جدّاً بهذا الترخيص ؛ لأنّه يرى قطعه بالتكليف مصيباً ، فهو بالنسبة إليه ترخيص غير جادّ ، وقد قلنا في ما سبق (١) : إنّ حقّ الطاعة والتنجيز متوقّف على عدم الترخيص الجادّ في المخالفة.

ويتلخّص من ذلك :

أوّلاً : أنّ كلّ انكشافٍ للتكليف منجِّز ، ولا تختصّ المنجِّزية بالقطع ؛ لسعة دائرة حقّ الطاعة.

وثانياً : أنّ هذه المنجِّزية مشروطة بعدم صدور ترخيصٍ جادٍّ من قبل المولى في المخالفة.

وثالثاً : أنّ صدور مثل هذا الترخيص معقول في موارد الانكشاف غير القطعي ، ومستحيل في موارد الانكشاف القطعي. ومن هنا يقال : إنّ القطع لا يعقل سلب المنجِّزية عنه ، بخلاف غيره من المنجّزات.

هذا هو التصوّر الصحيح لحجّية القطع ومنجِّزيته ، ولعدم إمكان سلب هذه المنجزية عنه.

[الحجّية على مبنى المشهور :]

غير أنّ المشهور لهم تصوّر مختلف : فبالنسبة إلى أصل المنجِّزية ادّعوا أنّها من لوازم القطع بما هو قطع ، ومن هنا آمنوا بانتفائها عند انتفائه ، وبما أسموه

__________________

(١) تقدّم في الصفحة السابقة.

۶۰۸۱