الجهة الثانية : أنّ الاستصحاب هل اجري بلحاظ حال الصلاة ، أو بلحاظ حال السؤال؟.

وتوضيح ذلك : أنّ قوله : «فرأيت فيه» إن كان ظاهراً في رؤية نفس ما فحص عنه سابقاً فلا معنى لإجراء الاستصحاب فعلاً ، كما أنّ قوله : «فنظرت فلم أرَ شيئاً» إذا كان ظاهراً في حصول اليقين بالفحص فلا معنى لجريانه حال الصلاة.

والصحيح : أنّه لا موجب لحمل قوله : «فرأيت فيه» على رؤية ما يعلم بسبقه ، فإنّ هذه عناية إضافية تحتاج إلى قرينةٍ عند تعلّق الغرض بإفادتها ، ولا قرينة ، بل حَذْفُ المفعول بدلاً عن جعله ضميراً راجعاً إلى النجاسة المعهود ذكرها سابقاً يشهد لعدم افتراض اليقين بالسبق.

وعليه فالاستصحاب جارٍ بلحاظ حال السؤال ، ويؤيّد ذلك أنّ قوله : «فنظرت فلم أر شيئاً» وإن لم يكن له ظهور في حصول اليقين ولكنّه ليس له ظهور في خلاف ذلك ؛ لأنّ إفادة حصوله بمثل هذا اللسان عرفية ، فكيف يمكن تحميل السائل افتراض الشكّ حال الصلاة وإفتاؤه بجريان الاستصحاب حينها؟!

وليس في مقابل تنزيل الرواية على إجراء الاستصحاب بلحاظ حال السؤال إلاّاستبعاد استغراب زرارة من الحكم بصحة الصلاة حينئذٍ ؛ لأنّ فرض ذلك هو فرض عدم العلم بسبق النجاسة ، فأيّ استبعادٍ في أن يحكم بعدم إعادة صلاةٍ لا يعلم بوقوعها مع النجاسة؟! فالاستبعاد المذكور قرينة على أنّ المفروض حصول اليقين للسائل بعد الصلاة بسبق النجاسة ، ومن هنا استغرب الحكم بصحتها ، وهذا يعني أنّ إجراء الاستصحاب إنمّا يكون بلحاظ حال الصلاة ، لا حال السؤال.

ولكن يمكن الردّ على هذا الاستبعاد : بأ نّه لا يمتنع أن يكون ذهن زرارة مشوباً بأنّ المسوِّغ للصلاة مع احتمال النجاسة الظنّ بعدمها الحاصل من الفحص ،

۶۰۸۱