وقد ادُّعي في كلمات الشيخ الأنصاري (١) وقوع التعارض بين هذه الفتوى في الرواية والفتوى الواقعة في جواب السؤال الثالث إذا حملت على الفرضية الثالثة ، إذ في كلتا الحالتين وقعت الصلاة في النجاسة جهلاً إمّا بتمامها ـ كما في مورد السؤال الثالث ـ أو بجزءٍ منها ، كما في مورد السؤال السادس ، فكيف حكم بصحة الصلاة في الأول وبطلانها في الثاني؟!

والجواب : أنّ كون النجاسة قد انكشفت وعلمت في أثناء الصلاة قد يكون له دخل في عدم العفو عنها ، فلا يلزم من العفو عن نجاسةٍ لم تعلم أثناء الصلاة العفو عن نجاسةٍ علمت كذلك.

هذا حاصل الكلام في فقه الرواية.

وأمّا تفصيل الكلام في موقعَي الاستدلال فيقع في مقامين :

المقام الأول : في الموقع الأول ، والكلام فيه في جهات :

الاولى : أنّ الظاهر من جواب الإمام تطبيق الاستصحاب ، لاقاعدة اليقين ؛ وذلك لأنّ تطبيق الإمام لقاعدةٍ على السائل متوقّف على أن يكون كلامه ظاهراً في تواجد أركان تلك القاعدة في حالته المفروضة ، ولا شكّ في ظهور كلام السائل في تواجد أركان الاستصحاب من اليقين بعدم النجاسة حدوثاً والشكّ في بقائها. وأمّا تواجد أركان قاعدة اليقين فهو متوقّف على أن يكون قوله : «فنظرت فلم أرَ شيئاً ...» مفيداً لحصول اليقين بعدم النجاسة حين الصلاة بسبب الفحص وعدم الوجدان ، وأن يكون قوله : «فرأيت فيه» مفيداً لرؤية نجاسةٍ يشكّ في كونها هي المفحوص عنها سابقاً. مع أنّ العبارة الاولى ليست ظاهرةً عرفاً في افتراض حصول اليقين حتّى لو سلّمنا ظهور العبارة الثانية في الشكّ.

__________________

(١) فرائد الاصول ٣ : ٦١.

۶۰۸۱