ينجِّز مؤدّاها ، والآخر دليل الأصل الجاري في كلٍّ من الطرفين في نفسه ، وهما دليلان متعارضان ؛ لعدم إمكان العمل بهما معاً. والوجه الأول يفترض [الفراغ عن] تماميّة الدليل الأول ، ويرتِّب على ذلك عدم إمكان إجراء الاصول. والوجه الثاني لا يفترض الفراغ عن ذلك ، فيقول : لا محذور في جريانها.

والاتجّاه الصحيح هو حلّ التعارض القائم بين الدليلين.

فإن قيل : أليس دليل حجية الأمارة حاكماً على دليل الأصل؟!

كان الجواب : أنّ هذه الحكومة إنّما هي فيما إذا اتّحد موردهما ، لا في مثل المقام ، إذ تُلغي الأمارة تعبّداً الشكَّ بلحاظ الجامع. وموضوع الأصل في كلٍّ من الطرفين الشكّ فيه بالخصوص ، فلا حكومة ، بل لا بدّ من الاستناد إلى ميزانٍ آخر لتقديم دليل الحجّية على دليل الأصل ، من قبيل الأخصّية ، أو نحو ذلك ، وبعد افتراض التقديم نرتِّب عليه آثار العلم الإجمالي.

وأمّا في الحالة الثانية فالأصل ساقط في مورد الأمارة ؛ للتنافي بينهما وحكومة الأمارة عليه. ولمَّا كان موردها غير معيّنٍ ومردّداً بين طرفين فلا يمكن إجراء الأصل في كلٍّ من الطرفين ؛ للعلم بوجود الحاكم المسقط للأصل في أحدهما ، ولا مسوِّغ لإجرائه في أحدهما خاصّة ، وبهذا يتنجّز الطرفان معاً.

٢ ـ وقوف العلم على الجامع :

الركن الثاني : وقوف العلم على الجامع وعدم سرايته الى الفرد ، إذ لو كان الجامع معلوماً في ضمن فردٍ معيّن لكان علماً تفصيلياً لا إجمالياً ، ولمَا كان منجّزاً إلاّ بالنسبة الى ذلك الفرد بالخصوص. وحيثما يحصل علم بالجامع ثمّ يسري العلم الى الفرد يسمّى ذلك بانحلال العلم الإجمالي بالعلم بالفرد. وتعلّق العلم بالفرد له عدّة أنحاء :

۶۰۸۱