وتقريب ذلك : أنّ دليل أصالة الطهارة بقوله : «كلّ شيءٍ طاهر حتى تعلم أنّه قذر» (١) يعتبر حاكماً على دليل شرطية الثوب الطاهر في الصلاة ؛ لأنّ لسانه لسان توسعة موضوع ذلك الدليل وإيجاد فردٍ له ، فالشرط موجود إذن. وليس الأمر كذلك لو ثبتت طهارة الثوب بالأمارة فقط ؛ لأنّ مفاد دليل حجّية الأمارة ليس جعل الحكم المماثل ، بل جعل الطريقية والمنجِّزية ، فهو بلسانه لا يوسِّع موضوع دليل الشرطية ؛ لأنّ موضوع دليلها الثوب الطاهر ، وهو لا يقول : هذا طاهر ، بل يقول : هذا محرز الطهارة بالأمارة ، فلا يكون حاكماً.

وعلى هذا الأساس فصَّل صاحب الكفاية (٢) بين الأمارات والاصول المنقِّحة للموضوع ، فبنى على أنّ الاصول الموضوعية توسّع دائرة الحكم الواقعيّ المترتّب على ذلك الموضوع دون الأمارات ، وهذا غير صحيح ، وسيأتي بعض الحديث عنه إن شاء الله تعالى (٣).

القضية الحقيقية والخارجية للأحكام :

مرّ بنا في الحلقة السابقة (٤) أنّ الحكم تارةً يُجعل على نهج القضية الحقيقية ، واخرى يُجعل على نهج القضية الخارجية.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١ ، والتهذيب ١ : ٢٨٤ ، الحديث ٨٣٢ ، ووسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث ٤ ، باختلافٍ في اللفظ فيها.

(٢) كفاية الاصول : ١١٠.

(٣) جاءت الإشارة إلى ذلك في هذه الحلقة ضمن أبحاث الدليل العقلي ، تحت عنوان : دلالة الأوامر الظاهريّة على الإجزاء عقلاً ، من دون بيان تفصيل الردّ عليه.

(٤) ضمن بحوث التمهيد ، تحت عنوان : القضيّة الحقيقيّة والقضيّة الخارجيّة للأحكام.

۶۰۸۱