المحذور يندفع برفع اليد عن إطلاق الأصل في كلِّ طرف ، ولا يتوقّف دفعه على إلغاء الأصل رأساً. ولاشكّ في أنّ رفع اليد عن شيءٍ من مفاد الدليل لا يجوز إلاّ لضرورة ، والضرورة تقدَّر بقدرها ، فلماذا لا نجري الأصل في كلٍّ من الطرفين ولكن مقيّداً بترك الآخر؟

وقد اجيب على هذا الاعتراض بوجوه :

الأول : ما ذكره السيّد الاستاذ (١) من أنّ الجمع بين الترخيصين المشروطين المذكورين وإن كان لا يؤدي الى الترخيص في المخالفة القطعية ولكنّه يؤدّي الى الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية ، وذلك فيما إذا ترك الطرفين معاً ، وهو مستحيل.

ويرد عليه : أنّ الحكم الظاهري في نفسه ليس مستحيلاً ، وإنّما يمتنع إذا كان منافياً للحكم الواقعي ، والمفروض عدم المنافاة بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي ؛ لا بلحاظ نفسه ولا بلحاظ مبادئه ، فلم يبقَ إلاّالتنافي بلحاظ عالم الامتثال ، وقد فرضنا هنا أنّ حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية قابل للرفع بالترخيص الشرعي على خلافه ، فلم يبقَ هناك تنافٍ بين الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية والتكليف المعلوم بالإجمال في أيِّ مرحلةٍ من المراحل.

هذا ، على أنّ بالإمكان تصوير الترخيصات المشروطة على نحوٍ لا يمكن أن تصبح كلّها فعليةً في وقتٍ واحدٍ ليلزم الترخيص القطعي في المخالفة الواقعية ، وذلك بأن تفترض أطراف العلم الإجمالي ثلاثية ، ويفترض أنّ الترخيص في كلّ طرفٍ مقيّد بترك أحد بديليه وارتكاب الآخر.

الثاني : ما ذكره السيّد الاستاذ أيضاً من أنّه إذا اريد إجراء الأصل مقيّداً في

__________________

(١) مصباح الاصول ٢ : ٣٥٥.

۶۰۸۱