اعتبار ، ولا بلحاظ المبادئ ؛ لأنّ مركزها ليس واحداً ، بل مبادئ كلّ حكمٍ في نفس جعله لا في متعلّقه ، ولا بلحاظ عالم الامتثال والتنجيز والتعذير ؛ لأنّ أحدهما على الأقلّ غير واصلٍ فلا أثر عمليّ له ، وأمّا في حالة وصولهما معاً فهما متنافيان متضادّان ؛ لأنّ أحدهما ينجِّز والآخر يؤمِّن.

وأمّا على مسلكنا في تفسير الأحكام الظاهرية وأ نّها خطابات تحدِّد ما هو الأهمّ من الملاكات الواقعية المختلطة ، فالخطابان الظاهريان المختلفان ـ كالإباحة والمنع ـ متضادّان بنفسيهما ، سواء وصلا إلى المكلّف أوْ لا ؛ لأنّ الأوّل يثبت أهميّة ملاك المباحات الواقعية ، والثاني يثبت أهميّة ملاك المحرّمات الواقعية ، ولا يمكن أن يكون كلّ من هذين الملاكين أهمَّ من الآخر ، كما هو واضح.

وظيفة الأحكام الظاهرية :

وبعد أن اتّضح أنّ الأحكام الظاهريّة خطابات لضمان ما هو الأهمّ من الأحكام الواقعية ومبادئها ، وليس لها مبادئ في مقابلها نخرج من ذلك بنتيجة ، وهي : أنّ الخطاب الظاهريّ وظيفته التنجيز والتعذير بلحاظ الأحكام الواقعية المشكوكة ، فهو ينجِّز تارةً ويعذّر اخرى ، وليس موضوعاً مستقلاًّ لحكم العقل بوجوب الطاعة في مقابل الأحكام الواقعية ؛ لأنّه ليس له مبادئ خاصّة به وراء مبادئ الأحكام الواقعية ، فحين يحكم الشارع بوجوب الاحتياط ظاهراً يستقلّ العقل بلزوم التحفّظ على الوجوب الواقعيّ المحتمل واستحقاق العقاب على عدم التحفّظ عليه ، لا على مخالفة نفس الحكم بوجوب الاحتياط بما هو.

وهذا معنى ما يقال من أنّ الأحكام الظاهرية طريقية لا حقيقية. فهي مجرّد وسائل وطرقٍ لتسجيل الواقع المشكوك وإدخاله في عهدة المكلّف ، ولا تكون

۶۰۸۱