تنجيزه ، وقد تقدّم شرحها في الحلقة السابقة (١) ؛ وذلك لأنّ جملةً من أطرافه قد تنجّزت فيها التكاليف بالأمارات والحجج الشرعية المعتبرة من ظهور آيةٍ وخبر ثقةٍ واستصحابٍ مثبتٍ للتكليف ، وفي كلّ حالة من هذا القبيل تجري البراءة في بقية الأطراف ، ويسمّى ذلك بالانحلال الحكمي ، كما تقدّم.

وقد قيل في تقريب فكرة الانحلال الحكمي في المقام ـ كما عن السيّد الاستاذ (٢) ـ بأنّ العلم الإجمالي متقوّم بالعلم بالجامع والشكّ في كلّ طرف ، ودليل حجّية الأمارةالمثبتة للتكليف في بعض الأطراف لمّا كان مفاده جعل الطريقية فهو يلغي الشكّ في ذلك الطرف ويتعبّد بعدمه ، وهذا بنفسه إلغاء تعبّديّ للعلم الإجمالي.

ويرد على هذا التقريب : أنّ الملاك في وجوب الموافقة القطعية للعلم الإجمالي هو التعارض بين الاصول في أطرافه ، كما تقدم (٣) ، وليس هو العلم الإجمالي بعنوانه ، فلا أثر للتعبّد بإلغاء هذا العنوان ، وإنّما يكون تأثيره عن طريق رفع التعارض ، وذلك بإخراج موارد الأمارات المثبتة للتكليف عن كونها مورداً لأصالة البراءة ؛ لأنّ الأمارة حاكمة على الأصل ، فتبقى الموارد الاخرى مجرىً لأصل البراءة بدون معارض ، وبذلك يختلّ الركن الثالث ويتحقّق الانحلال الحكمي ، من دون فرقٍ بين أن نقول بمسلك جعل الطريقية وإلغاء الشكّ بدليل الحجّية ، أوْ لا.

__________________

(١) في بحث العلم الإجمالي من أبحاث الاصول العمليّة تحت عنوان : تحديد أركان هذه القاعدة.

(٢) مصباح الاصول ٢ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

(٣) في بحث العلم الإجمالي من أبحاث الاصول العمليّة من الحلقة الثانية ، تحت عنوان : تحديد أركان هذه القاعدة.

۶۰۸۱